الداء يعديه إعداء، وهو أن يصيبه مثل ما بصاحب الداء، وذلك أن يكون ببعير جرب مثلا فتتقى مخالطته بإبل أخرى حذرا أن يتعدى إليها ما به من الجرب فيصيبها ما أصابه، وقد أبطله الاسلام، لأنهم كانوا يظنون أن المرض بنفسه يتعدى فأعلمهم النبي صلى الله عليه وآله أنه ليس الامر كذلك، وإنما الله تعالى هو الذي يمرض و ينزل الداء، ولهذا قال في بعض الأحاديث: فمن أعدى البعير الأول؟ أي من أين صار فيه الجرب (1) (انتهى).
وأقول: يمكن أن يكون المراد نفي استقلال العدوي بدون مدخلية مشيته تعالى، بل مع الاستعاذة بالله يصرفه عنه، فلا ينافي الامر بالفرار من المجذوم وأمثاله لعامة الناس الذين لضعف يقينهم لا يستعيذون به تعالى، وتتأثر نفوسهم بأمثاله.
وقد روي أن علي بن الحسين عليهما السلام أكل مع المجذومين ودعاهم إلى طعامه و شاركهم في الأكل، مع أنه يمكن أن يكون من خصائصهم عليهم السلام لان الله يعصمهم عن الأمراض المشينة التي توجب نفرة الناس عنهم، وقيل: الجذام مستثنى من هذه الكلية، أي عدم العدوي. وقال الطيبي في شرح المشكاة: العدوي مجاوزة العلة أو الخلق إلى الغير، وهو بزعم الطب في سبع: الجذام والجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد والأمراض الوبائية: فأبطله الشرع أي لا تسري علته إلى شخص وقيل: بل نفى استقلال تأثيره بل هو متعلق بمشية الله تعالى، ولذا منع من مقاربته كمقاربة الجدار المائل والسفينة المعيبة، وأجاب الأولون بأن النهي عنها للشفقة خشية أن يعتقد حقيته إن اتفق إصابة عاهته، وأي هذا القول أولى لما فيه من التوفيق بين الأحاديث والأصول الطبية التي ورد الشرع باعتبارها على وجه لا يناقض أصول التوحيد (انتهى).
(ولا طيرة) هذه أيضا مثل السابقة، والمراد به النهي عن التطير والتشؤم بالأمور التي يحترز منها العوام، أو لا تأثير للطيرة مطلقا، أو على وجه الاستقلال بل مع قوة النفس وعدم التأثر بها والتوكل على الله تعالى يرتفع تأثيرها، ويؤيد