من الملائكة وهم من عالم الامر، والأحاديث الصحيحة مطابقة لذلك، وهي ما روي من (1) الاخبار أن لله ملائكة يحركون الشمس والقمر عند الطلوع والغروب (2) وكذا القول في سائر الكواكب، وأيضا قوله سبحانه (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) إشارة إلى أن الملائكة الذين يقومون بحفظ العرش ثمانية، ثم إذا دققت النظر قلت (3) إن عالم الخلق في تسخير الله، وعالم الامر في تدبير الله، و استيلاء الروحانيات على الجسمانيات بتقدير الله، فلهذا المعنى قال (ألا له الخلق والامر).
ثم كون الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره يحتمل وجوها:
أحدها: أنا قد دللنا أن الأجسام متماثلة، ومتى كان كذلك كان اختصاص جسم الشمس بذلك النور المخصوص والضوء الباهر والتسخين الشديد والتدبيرات العجيبة في العالم العلوي والسفلي لابد وأن يكون لأجل أن الفاعل الحكيم والمقدر العليم خص ذلك الجسم بهذه الصفات، فجسم كل واحد من الكواكب والنيرات كالمسخر في قبول تلك القوى والخواص عن قدرة المدير الحكيم.
وثانيها: أن يقال إن لكل واحد من أجرام الشمس والقمر والكواكب سيرا خاصا بطيئا من المشرق إلى المغرب وسيرا آخر سريعا بسبب حركة الفلك الأعظم فالحق سبحانه خص جرم الفلك الأعظم بقوة زائدة (4) على أجرام سائر الأفلاك باعتبارها صارت مستولية عليها قادرة على تحريكها على سبيل القهر من المشرق إلى المغرب، فأجرام الأفلاك والكواكب صارت كالمسخرة لهذا القهر و القسر (5).