كتاب الله منذ جرى لله علي الحكم، ولئن شئت لألقين عليك شيئا من علم التوراة فإن فهمته فأنت أعلم منه، وإن فهم فهو أعلم منك. فقال له عمر: هات بعض هناتك فقال كعب: أخبرني عن قول الله (وكان عرشه على الماء) فأين كانت الأرض؟ و أين كانت السماء؟ وأين كان جميع خلقه؟ فقال له عمر: ومن يعلم غيب (1) الله منا إلا ما سمعه رجل من نبينا؟ قال: ولكن إحال أبا حسن لو سئل عن ذلك لشرحه بمثل ما قرأناه في التوراة. فقال له عمر: فدونك إذا اختلف المجلس. قال: فلما دخل علي عليه السلام على عمر وأصحابه (2) أرادوا اسقاط أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال كعب: يا أبا الحسن أخبرني عن قول الله تعالى في كتابه (وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا) قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام:
نعم، كان عرشه على الماء حين لا أرض مدحية، ولا سماء مبنية ولا صوت يسمع ولا عين تنبع، ولا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولا نجم يسري، ولا قمر يجري ولا شمس تضيئ، عرشه على الماء، غير مستوحش إلى أحد من خلقه، يمجد نفسه ويقدسها كما شاء أن يكون كان، ثم بدا له أن يخلق الخلق، فضرب بأمواج البحور فثار منها مثل الدخان كأعظم ما يكون من خلق الله، فبنى بها سماء رتقا، ثم دحا (3) الأرض من موضع (4) الكعبة وهي وسط الأرض فطبقت إلى البحار، ثم فتقها بالبنيان وجعلها سبعا بعد إذ كانت واحدة، ثم استوى إلى السماء وهي دخان من ذلك الماء الذي أنشأه من تلك البحور، فجعلها سبعا طباقا بكلمته التي لا يعلمها غيره وجعل في كل سماء ساكنا من الملائكة خلقهم معصومين من نور من بحور عذبة وهو (5) بحر الرحمة، وجعل طعامهم التسبيح والتهليل والتقديس، فلما قضى أمره