بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥٤ - الصفحة ٢٨
بيان: (الساطح) الباسط، و (المسيل) المجري، و (الوهاد) جمع (وهدة) وهي الأرض المنخفضة، وأخصب الله الأرض أي جعلها كثيرة العشب والكلاء، و (النجاد) بالكسر جمع (نجد) بالفتح وهو المرتفع من الأرض (ولا لأزليته انقضاء) أي في جانب الأبد، أي أزليته أزلية مقرونة بالأبدية، ويمكن أن يكون إشارة إلى أن الأزلية تستلزم الأبدية إذ ما ثبت قدمه امتنع عدمه، أو في جانب الأزل إذا رجع الوهم إليه. ولا يخفى دلالة تلك الفقرات على اختصاص الأزلية به و حدوث ما سواه، إذ ذكر الصفات المشتركة بينه وبين خلقه لا يناسب مقام المدح.
ثم صرح عليه السلام بذلك بقوله (لم يخلق الأشياء من أصول أزلية) ردا على ما زعمته الحكماء من الهيولي القديمة ونحو ذلك و (الأبد) بالتحريك الدهر، و (الدائم) و (القديم) الأزلي كما ذكره في القاموس وقيل: الزمان الطويل الذي ليس بمحدود، والظاهر أنه تأكيد وتفسير للفقرة الأولى، ويحتمل أن يكون المراد الأمثلة التي يخلق الله تعالى الأشياء على حذوها. وفي بعض النسخ (بدية) والبدي كرضي الأول (من أوائل) سابقة على إيجادها (1).

(1) الأزلية والقدم مترادفان، ومعناهما كون الموجود بحيث لا يسبقه عدم، فان أضيف إلى العدم الذاتي سمى قدما ذاتيا، وإن أضيف إلى العدم الزماني سمى قدما زمانيا وحيث إن الزمان مقدار الحركة، والحركة تختص بالأجسام، فإذا لم يكن جسم لم يكن زمان، وكل شئ غير جسماني فإنه خارج عن حيطة الزمان البتة، فلو وجد شئ مجرد عن المادة كان لا محالة غير محدود بالزمان.
وحيث إن الجسم لا ينفك عن الحركة بناء على القول بالحركة الجوهرية فكلما فرض جسم كان حادثا زمانيا.
والواجب تعالى قديم أزلي ذاتا بمعنى كون الوجود عين ذاته واستحالة العدم عليه بوجه وزمانا بمعنى كونه خارجا عن ظرف الزمان ومنزها عن مقارنته لا بمعنى كونه مقارنا لزمان غير متناه من جهة البدء وأما ما سواه فعلى القول بوجود المجردات المحضة والموجودات النورية العالية فإنها أيضا غير مقيدة بالزمان لكنها لا تشارك الواجب تعالى في الأزلية الذاتية.
وأما المادة أعني الهيولي الأولى فليست من الموجودات المتحصلة، وتحصلها إنما يكون بالصور، ولا شئ من الصور الجسمانية بقديم لما ذكرنا. نعم على القول بقدم الصور الفلكية كما يراه بعض الفلاسفة تكون مادتها أيضا قديمة لكنها على كل حال ليست موجودة قيل الأشياء ولا أصلا أزليا للكائنات.
(٢٨)
مفاتيح البحث: الشراكة، المشاركة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 * أبواب * * كليات أحوال العالم وما يتعلق بالسماويات * * الباب الأول * حدوث العالم وبدء خلقه وكيفيته وبعض كليات الأمور 2
3 تفسير الآيات، وبحث وتحقيق حول: " خلق السماوات والأرض في ستة أيام " 6
4 تحقيق في خلق الأرض قبل السماء، أم السماء قبلها 22
5 معنى الحدوث والقدم 31(ه‍)
6 اخبار وخطب في التوحيد 32
7 فيما قاله الرضا عليه السلام لعمران الصابي، وفيه بيان 47
8 الدليل على حدوث الأجسام 62
9 في أن أول ما خلقه الله النور 73
10 في خلق الأشياء 77
11 تفسير قوله تعالى: " وكان عرشه على الماء " 95
12 في إماتة الخلق 104
13 الخطبة التي خطبها أمير المؤمنين (ع) في التوحيد وخلق الأشياء، وفيها بيان 106
14 الخطبة التي خطبها علي عليه السلام، ويذكر فيه ابتداء خلق السماوات... 176
15 في خلق الأشياء من الأنوار الخمسة الطيبة عليهم السلام 192
16 في أن أول ما خلق الله تعالى نور حبيبه محمد صلى الله عليه وآله 198
17 في أن الله تعالى خلق أرض كربلا قبل أن يخلق أرض الكعبة، ودحي الأرض من تحتها 202
18 بيان في علة تخصيص الستة أيام بخلق العالم، وتحقيق حول: اليوم، والسنة القمرية والشمسية، ومعنى الأسبوع في خلق الله 216
19 في بيان معاني الحدوث والقدم 234
20 في تحقيق الأقوال في ذلك 238
21 في كيفية الاستدلال بما تقدم من النصوص 254
22 الدلائل العقلية، وبطلان التسلسل 260
23 في دفع بعض شبه الفلاسفة الدائرة على ألسنة المنافقين والمشككين 278
24 بحث وتحقيق في أول المخلوقات 306
25 بحث وتحقيق ورفع اشكال عن آيات سورة السجدة... 309
26 * الباب الثاني * العوالم ومن كان في الأرض قبل خلق آدم عليه السلام ومن يكون فيها... 316
27 معنى قوله تعالى: " وممن خلقنا أمة يهدون بالحق " والأقوال في هذه الأمة 316
28 في عدد مخلوقات الله تعالى 318
29 في الجن والنسناس 323
30 جابلقا وجابرسا، وقول الصادق عليه السلام: من وراء شمسكم أربعين شمس 329
31 فيما سئله موسى عليه السلام عن بدء الدنيا 331
32 بحث وتحقيق رشيق حول اخبار العوالم وجابلقا وجابرسا، وفي الذيل ما يناسب المقام 349
33 بحث حول عالم المثال 354
34 العلة التي من أجلها سميت الدنيا دنيا والآخرة آخرة 355
35 * الباب الثالث * القلم، واللوح المحفوظ، والكتاب المبين، والامام المبين، وأم الكتاب 357
36 تفسير الآيات 358
37 في اللوح المحفوظ والقلم 362
38 في أن اللوح من درة بيضاء 376