ثم الغرض من ذكره هذه الأشياء التنصيص على عموم علمه سبحانه مع الإشارة إلى أصناف خلقه وأنواع بريته وعجائب ربوبيته، فإن الدليل على علمه بها خلقه لها وحفظه وتربيته لكل منها وإظهار بدائع الحكمة في كل صفة من أوصافها وحال من أحوالها كما قال سبحانه: (ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير (1)).
(لم يلحقه في ذلك) المشار إليه إما العلم بالجزئيات المذكورة وإما خلق الأشياء المذكورة قبل تفصيل المعلومات أو فيها أيضا كما قلنا إن الغرض ليس محض تعلق العلم بها. كلفة أي مشقة، ولا اعترضته أي منعته، والعارضة: ما يستقبلك من شئ يمنعك عن مسيرك. (ولا اعتورته) قيل: اعتورته: أحاطت به، وفي اللغة:
اعتوروا الشئ أي تداولوه وتناوبوه، و (في تنفيذ الأمور) أي إجرائها وإمضائها والتدبير: النظر في عاقبة الامر أو الفعل عن روية، والمراد هنا إمضاء الأمور على وفق المصلحة والعلم بالعواقب. والملالة: السأمة والضجر، وفتر عن العمل: انكسر حدته ولان بعد شدته (بل نفذ فيهم علمه) أي أحاط علمه بظواهرهم وبواطنهم وفي بعض النسخ (نفذهم) على الحذف والايصال. والعد: مصدر عددته، وفي بعض النسخ (عدده) وغمرهم أي غطاهم وسترهم وشملهم فضله، وكنه الشئ: نهايته وحقيقته، والوصف الجميل: ذكر الفضائل، والتعداد بالفتح: مصدر للمبالغة والتكثير، وقال الكوفيون، أصله التفعيل الذي يفيد المبالغة، قلبت ياؤه ألفا وبالكسر شاذ، والأمل: ضد اليأس، و (خير) خبر مبتدأ محذوف، وكذلك (أكرم) والبسط: النشر والتوسيع، وكلمة (في) إما زائدة أو للظرفية المجازية والمفعول محذوف أي بسطت لي القدرة أو الكلام فيما لا أمدح به غيرك، والغرض شكره سبحانه على فضيلة البلاغة والعلم به سبحانه ومدائحه والتوفيق على قصر المدح على الله جل شأنه، والخيبة: الحرمان، والمخلوقون هم معادنها لان عطاياهم قليلة فانية مع أنهم لا يعطون غالبا، وهم مواضع الريبة أي التهمة والشك لعدم الوثوق بإعطائهم وعدم الاعتماد عليهم في رعاية مصلحة في المنع والله سبحانه لا يمنع إلا لمصلحة