فانا إليك أحوج منك إلينا.
فقال لي: تذكر يوم سألتك: " هل لنا ملك؟ فقلت: نعم، طويل عريض شديد، فلا تزالون في مهلة من أمركم، وفسحة من دنياكم، حتى تصيبوا منا دما حراما في شهر حرام في بلد حرام؟ " (1) فعرفت أنه قد حفظ الحديث فقلت: لعل الله عز وجل أن يكفيك فاني لم أخصك بهذا إنما هو حديث رويته. ثم لعل غيرك من أهل بيتك أن يتولى ذلك فسكت عني.
فلما رجعت إلى منزلي أتاني بعض موالينا فقال: جعلت فداك والله لقد رأيتك في موكب أبي جعفر وأنت على حمار، وهو على فرس، وقد أشرف عليك يكلمك كأنك تحته، فقلت بيني وبين نفسي: هذا حجة الله على الخلق، وصاحب هذا الامر الذي يقتدى به، وهذا الآخر يعمل بالجور، ويقتل أولاد الأنبياء ويسفك الدماء في الأرض بما لا يحب الله وهو في موكبه، وأنت على حمار، فدخلني من ذلك شك حتى خفت على ديني ونفسي.
قال: فقلت: لو رأيت من كان حولي، وبين يدي، ومن خلفي، وعن يميني وعن شمالي من الملائكة لاحتقرته واحتقرت ما هو فيه، فقال: الآن سكن قلبي.
ثم قال: إلى متى هؤلاء يملكون؟ أو متى الراحة منهم؟ فقلت: أليس تعلم