الحرمين يعمل فيهما بما لا يحب الله، لا يمنعهم مانع، ولا يحول بينهم وبين العمل القبيح أحد، ورأيت المعازف ظاهرة في الحرمين.
ورأيت الرجل يتكلم بشئ من الحق ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فيقوم إليه من ينصحه في نفسه، فيقول: هذا عنك موضوع، ورأيت الناس ينظر بعضهم إلى بعض، ويقتدون بأهل الشرور، ورأيت مسلك الخير وطريقه خاليا لا يسلكه أحد، ورأيت الميت يهز [ء] به فلا يفزع له أحد.
ورأيت كل عام يحدث فيه من البدعة والشر أكثر مما كان، ورأيت الخلق والمجالس لا يتابعون إلا الأغنياء، ورأيت المحتاج يعطى على الضحك به، ويرحم لغير وجه الله، ورأيت الآيات في السماء لا يفزع لها أحد، ورأيت الناس يتسافدون كما تسافد البهائم، لا ينكر أحد منكرا تخوفا من الناس، ورأيت الرجل ينفق الكثير في غير طاعة الله، ويمنع اليسير في طاعة الله.
ورأيت العقوق قد ظهر، واستخف بالوالدين، وكانا من أسوء الناس حالا عند الولد ويفرح بأن يفتري عليهما.
ورأيت النساء قد غلبن على الملك، وغلبن على كل أمر، لا يؤتى إلا ما لهن فيه هوى، ورأيت ابن الرجل يفتري على أبيه، ويدعو على والديه، ويفرح بموتهما، ورأيت الرجل إذا مر به يوم ولم يكسب فيه الذنب العظيم، من فجور أو بخس مكيال أو ميزان، أو غشيان حرام، أو شرب مسكر كئيبا حزينا يحسب أن ذلك اليوم عليه وضيعة من عمره.
ورأيت السلطان يحتكر الطعام، ورأيت أموال ذوي القربى تقسم في الزور ويتقامر بها ويشرب بها الخمور، ورأيت الخمر يتداوى بها، وتوصف للمريض ويستشفى بها، ورأيت الناس قد استووا في ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و ترك التدين به، ورأيت رياح المنافقين وأهل النفاق دائمة، ورياح أهل الحق لا تحرك.
ورأيت الأذان بالأجر، والصلاة بالأجر، ورأيت المساجد محتشية ممن لا يخاف الله مجتمعون فيها للغيبة وأكل لحوم أهل الحق، ويتواصفون فيها شراب