وقال أبو حنيفة: رأيت موسى بن جعفر وهو صغير السن في دهليز أبيه فقلت:
أين يحدث الغريب منكم إذا أراد ذلك؟ فنظر إلي ثم قال: يتوارى خلف الجدار ويتوقى أعين الجار، ويتجنب شطوط الأنهار، ومساقط الثمار، وأفنية الدور، و الطرق النافذة، والمساجد، ولا يستقبل القبلة، ولا يستدبرها، ويرفع ويضع بعد ذلك حيث شاء.
قال: فلما سمعت هذا القول منه، نبل في عيني، وعظم في قلبي، فقلت له: جعلت فداك ممن المعصية؟ فنظر إلي ثم قال: اجلس حتى أخبرك فجلست فقال: إن المعصية لا بد أن تكون من العبد أو من ربه أو منهما جميعا، فان كانت من الله تعالى فهو أعدل وأنصف من أن يظلم عبده ويأخذه بما لم يفعله، وإن كانت منهما فهو شريكه، والقوي أولى بإنصاف عبده الضعيف، وإن كانت من العبد وحده فعليه وقع الامر، وإليه توجه النهي، وله حق الثواب والعقاب، ووجبت الجنة والنار فقلت: " ذرية بعضها من بعض " الآية (1).
وروى عنه الخطيب في تاريخ بغداد (2) والسمعاني في الرسالة القوامية وأبو صالح أحمد المؤذن في الأربعين، وأبو عبد الله بن بطة في الإبانة، والثعلبي في الكشف والبيان، وكان أحمد بن حنبل مع انحرافه عن أهل البيت عليهم السلام لما روى عنه قال: حدثني موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمد وهكذا إلى