ومنعت من العمل، فخرجت الفعلة خوفا على أنفسهم فأعطي علي بن يقطين لرجلين عطاء كثيرا ليحفرا فنزلا فأبطآ، ثم خرجا مرعوبين قد ذهبت ألوانهما، فسألهما عن الخبر فقالا: إنا رأينا آثارا وأثاثا، ورأينا رجالا ونساء فكلما أومأنا إلى شئ منهم صار هباءا، فصار المهدي يسأل عن ذلك ولا يعلمون، فقال موسى بن جعفر عليهما السلام: هؤلاء أصحاب الأحقاف، غضب الله عليهم فساخت بهم ديارهم و أموالهم (1).
دخل موسى بن جعفر عليه السلام بعض قرى الشام متنكرا هاربا فوقع في غار وفيه راهب يعظ في كل سنة يوما فلما رآه الراهب دخله منه هيبة فقال: يا هذا أنت غريب؟ قال: نعم قال: منا؟ أو علينا؟ قال: لست منكم قال: أنت من الأمة المرحومة؟ قال: نعم قال: أفمن علمائهم أنت أم من جهالهم؟ قال: لست من جهالهم فقال: كيف طوبى أصلها في دار عيسى وعندكم في دار محمد وأغصانها في كل دار؟.
فقال عليه السلام: الشمس قد وصل ضوؤها إلى كل مكان وكل موضع، وهي في السماء قال: وفي الجنة لا ينفد طعامها وإن أكلوا منه ولا ينقص منه شئ؟ قال:
السراج في الدنيا يقتبس منه ولا ينقص منه شئ، قال: وفي الجنة ظل ممدود؟
فقال: الوقت الذي قبل طلوع الشمس كلها ظل ممدود قوله " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل " (2) قال: ما يؤكل ويشرب في الجنة لا يكون بولا ولا غائطا؟
قال: الجنين في بطن أمه قال: أهل الجنة لهم خدم يأتونهم بما أرادوا بلا أمر؟
فقال: إذا احتاج الانسان إلى شئ عرفت أعضاؤه ذلك، ويفعلون بمراده من غير أمر قال: مفاتيح الجنة من ذهب؟ أو فضة؟ قال: مفتاح الجنة لسان العبد لا إله إلا الله قال: صدقت، وأسلم والجماعة معه (3).