قال: فأخرج له أبو الحسن عليه السلام صرة فيها ثلاثمائة دينار، وقال هذا زرعك على حاله، والله يرزقك فيه ما ترجو قال: فقام العمري فقبل رأسه وسأله أن يصفح عن فارطه فتبسم إليه أبو الحسن وانصرف، قال: وراح إلى المسجد فوجد العمري جالسا فلما نظر إليه قال: الله أعلم حيث يجعل رسالاته قال: فوثب أصحابه إليه فقالوا له: ما قضيتك؟ قد كنت تقول غير هذا قال: فقال لهم: قد سمعتم ما قلت الآن، وجعل يدعو لأبي الحسن عليه السلام فخاصموه وخاصمهم، فلما رجع أبو الحسن إلى داره قال لجلسائه الذين سألوه في قتل العمري: أيما كان خيرا ما أردتم؟ أم ما أردت؟ إنني أصلحت أمره بالمقدار الذي عرفتم، وكفيت به شره، و ذكر جماعة من أهل العلم أن أبا الحسن عليه السلام كان يصل بالمأتي دينار إلى الثلاثمائة وكان صرار موسى مثلا (1).
وذكر ابن عمارة وغيره من الرواة أنه لما خرج الرشيد إلى الحج وقرب من المدينة استقبله الوجوه من أهلها يقدمهم موسى بن جعفر عليه السلام على بغلة، فقال له الربيع: ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين؟ وأنت إن تطلب عليها لم تلحق وإن طلبت عليها لم تفت فقال: إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل، وارتفعت عن ذلة العير، وخير الأمور أوساطها.
قالوا: ولما دخل هارون الرشيد المدينة توجه لزيارة النبي صلى الله عليه وآله ومعه الناس فتقدم الرشيد إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا ابن عم، مفتخرا بذلك على غيره فتقدم أبو الحسن عليه السلام فقال: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا أبتاه، فتغير وجه الرشيد، وتبين الغيظ فيه (2).
وقد روى الناس عن أبي الحسن عليه السلام فأكثروا، وكان أفقه أهل زمانه حسب ما قدمناه، وأحفظهم لكتاب الله، وأحسنهم صوتا بالقرآن، وكان إذا قرأه يحزن