وتغسل رجليك ثلاثا، ولا تخالف ذلك إلى غيره. فامتثل أمره وعمل عليه.
فقال الرشيد: أحب أن أستبرئ أمر علي بن يقطين فإنهم يقولون إنه رافضي والرافضة يخففون في الوضوء، فناطه بشئ من الشغل في الدار حتى دخل وقت الصلاة، ووقف الرشيد وراء حائط الحجرة، بحيث يرى علي بن يقطين ولا يراه هو، وقد بعث إليه بالماء للوضوء فتوضأ كما أمره موسى، فقام الرشيد وقال:
كذب من زعم أنك رافضي، فورد على علي بن يقطين كتاب موسى بن جعفر:
توضأ من الآن كما أمر الله، اغسل وجهك مرة فريضة، والأخرى إسباغا واغسل يديك من المرفقين كذلك وامسح مقدم رأسك، وظاهر قدميك، من فضل نداوة وضوئك فقد زال ما يخاف عليك (1).
12 - إعلام الورى (2) الإرشاد: روى عبد الله بن إدريس، عن ابن سنان قال: حمل الرشيد في بعض الأيام إلى علي بن يقطين ثيابا أكرمه بها وكان في جملتها دراعة خز سوداء من لباس الملوك، مثقلة بالذهب، فأنفذ علي بن يقطين جل تلك الثياب إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وأنفذ في جملتها تلك الدراعة، وأضاف إليها مالا كان أعده له على رسم له فيما يحمله إليه من خمس ماله، فلما وصل ذلك إلى أبي الحسن قبل المال والثياب، ورد الدراعة على يد الرسول إلى علي بن يقطين وكتب إليه أن احتفظ بها، ولا تخرجها عن يدك، فسيكون لك بها شأن، تحتاج إليها معه، فارتاب علي بن يقطين بردها عليه، ولم يدر ما سبب ذلك، فاحتفظ بالدراعة.
فلما كان بعد أيام تغير علي بن يقطين على غلام كان يختص به فصرفه عن خدمته، وكان الغلام يعرف ميل علي بن يقطين إلى أبي الحسن عليه السلام ويقف على ما يحمله إليه في كل وقت من مال وثياب وألطاف وغير ذلك، فسعى به إلى الرشيد فقال: إنه يقول بامامة موسى بن جعفر، ويحمل إليه خمس ماله في كل سنة