ولم يعطه شيئا، ثم جاء سائل آخر، فأخذ أبو عبد الله عليه السلام ثلاث حبات عنب فناولها إياه، فأخذها السائل من يده ثم قال: الحمد لله رب العالمين الذي رزقني فقال أبو عبد الله عليه السلام: مكانك فحثا ملء كفيه عنبا فناولها إياه، فأخذها السائل من يده، ثم قال: الحمد لله رب العالمين الذي رزقني، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
مكانك يا غلام! أي شئ معك من الدراهم؟ فإذا معه نحو من عشرين درهما فيما حزرناه (1) أو نحوها فناولها إياه فأخذها.
ثم قال: الحمد لله، هذا منك وحدك لا شريك لك فقال أبو عبد الله عليه السلام:
مكانك فخلع قميصا كان عليه فقال: البس هذا، فلبسه فقال: الحمد لله الذي كساني وسترني يا أبا عبد الله - أو قال: جزاك الله خيرا، لم يدع لأبي عبد الله عليه السلام إلا بذا، ثم انصرف، فذهب قال: فظننا أنه لو لم يدع له لم يزل يعطيه لأنه كلما كان يعطيه حمد الله أعطاه (2).
57 - الكافي: عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن مالك ابن عطية، عن بعض أصحاب أبي عبد الله عليه السلام قال: خرج إلينا أبو عبد الله عليه السلام و هو مغضب فقال: إني خرجت آنفا في حاجة فتعرض لي بعض سودان المدينة فهتف بي: لبيك يا جعفر بن محمد لبيك، فرجعت عودي على بدئي إلى منزلي خائفا ذعرا مما قال، حتى سجدت في مسجدي لربي، وعفرت له وجهي، وذللت له نفسي وبرئت إليه مما هتف بي، ولو أن عيسى بن مريم عدا ما قال الله فيه إذا لصم صما لا يسمع بعده أبدا، وعمي عمى لا يبصر بعده أبدا، وخرس خرسا لا يتكلم بعده أبدا ثم قال: لعن الله أبا الخطاب وقتله بالحديد (3).
بيان: قال الجوهري: رجع عودا على بدء، وعوده على بدئه: أي لم ينقطع ذهابه، حتى وصله برجوعه.