واعلموا أيها النفر إني سمعت أبي يروي عن آبائه عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال يوما: ما عجبت من شئ كعجبي من المؤمن، إنه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له، وإن ملك ما بين مشارق الأرض ومغاربها كان خيرا له، و كل ما يصنع الله عز وجل به فهو خير له، فليت شعري هل يحق فيكم ما قد شرحت لكم منذ اليوم أم أزيدكم.
أما علمتم أن الله عز وجل قد فرض على المؤمنين في أول الأمر يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولي وجهة عنهم، ومن ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار، ثم حولهم من حالهم رحمة منه لهم، فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين، تخفيفا من الله عز وجل للمؤمنين فنسخ الرجلان العشرة.
وأخبروني أيضا عن القضاة أجورة هم حيث يقضون على الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال: إني زاهد، وإني لا شئ لي؟ فان قلتم جورة ظلمكم أهل الاسلام وإن قلتم بل عدول خصمتم أنفسكم، وحيث يردون صدقة من تصدق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث، أخبروني لو كان الناس كلهم كالذين تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم، فعلى من كان يصدق بكفارات الايمان والنذور والصدقات من فرض الزكاة من الذهب والفضة والتمر والزبيب وسائر ما وجب فيه الزكاة من الإبل والبقر والغنم وغير ذلك، إذا كان الامر كما تقولون لا ينبغي لاحد أن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه، وإن كان به خصاصة، فبئس ما ذهبتم فيه وحملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وآله وأحاديثه التي يصدقها الكتاب المنزل، وردكم إياها بجهالتكم، وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ، والمحكم والمتشابه، والأمر والنهي.
وأخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود عليه السلام حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لاحد من بعده، فأعطاه الله عز وجل اسمه ذلك وكان يقول الحق ويعمل به.
ثم لم نجد الله عز وجل عاب عليه ذلك، ولا أحدا من المؤمنين، وداود النبي