فلان بن فلان البلخي جاريته فلانة لتبيعها فلما عبرت النهر افترشتها في أصل شجرة؟!
فقال البلخي: قد مضى والله لهذا الحديث أكثر من عشرين سنة، ولقد تبت إلى الله من ذلك، فقال الصادق عليه السلام: لقد تبت وما تاب الله عليك، ولقد غضب الله لصاحب الجارية، ثم ركب وسار البلخي معه، فلما برز قال الصادق عليه السلام وقد سمع صوت حمار: إن أهل النار يتأذون بهما وبأصواتهما، كما تتأذون بصوت الحمار فلما برزنا إلى الصحراء فإذا نحن بجب كبير (1).
ثم التفت الصادق عليه السلام إلى البلخي فقال: اسقنا من هذا الجب، فدنا البلخي ثم قال: هذا جب بعيد القعر، لا أرى ماءا به فتقدم الصادق عليه السلام فقال:
أيها الجب السامع المطيع لربه اسقنا مما جعل الله فيك من الماء بإذن الله فنظرنا الماء يرتفع من الجب فشربنا منه، ثم سار حتى انتهى إلى موضع فيه نخلة يابسة، فدنا منها فقال: أيتها النخلة أطعمينا مما جعل الله فيك، فانتثرت رطبا جنيا.
ثم جاء فالتفت فلم ير فيها شيئا، ثم سارا فإذا نحن بظبي قد أقبل يبصبص بذنبه، قد أقبل إلى الصادق عليه السلام وينغم (2) فقال: أفعل إن شاء الله، فانصرف الظبي فقال البلخي: لقد رأينا عجبا فما سألك الظبي؟ قال: استجار بي الظبي، وأخبرني أن بعض من يصيد الظباء بالمدينة صاد زوجته، وأن لها خشفين (3) صغيرين وسألني أن أشتريها، وأطلقها إليه، فضمنت له ذلك، واستقبل القبلة ودعا، وقال:
الحمد لله كثيرا كما هو أهله ومستحقه، وتلا " أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله " (4) ثم قال: نحن والله المحسودون ثم انصرف ونحن معه، فاشترى الظبية وأطلقها، ثم قال: لا تذيعوا سرنا، ولا تحدثوا به عند غير أهله، فان