الأنصاري وسعد بن أبي وقاص وأبي هريرة أنه لما خرج مرحب برجله (1) بعث النبي صلى الله عليه وآله أبا بكر برايته مع المهاجرين في راية بيضاء، فعاد يؤنب قومه ويؤنبونه ثم بعث عمر من بعده فرجع يجبن أصحابه ويجبنونه حتى ساء النبي صلى الله عليه وآله ذلك، فقال صلى الله عليه وآله: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار يأخذها عنوة وفي رواية: يأخذها بحقها، وفي رواية: لا يرجع حتى يفتح الله على يده.
البخاري ومسلم أنه قال: لما قال النبي صلى الله عليه وآله حديث الراية بات الناس يذكرون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الصبح غدوا على رسول الله كلهم يرجو أن يعطاها، فقال: أين علي بن أبي طالب؟ فقيل: هو يشتكي عينيه، فقال: فأرسلوا إليه، فاتى به فتفل النبي صلى الله عليه وآله في عينيه ودعا له فبرئ، فأعطاه الراية.
وفي رواية ابن جرير ومحمد بن إسحاق: فغدت قريش يقول بعضهم لبعض:
أما علي فقد كفيتموه فإنه أرمد لا يبصر موضع قدمه، فلما أصبح قال: ادعوا لي عليا، فقالوا: به رمد، فقال: أرسلوا إليه وادعوه، فجاء على بغلته وعينه معصوبة بخرقة برد قطري، فأخذ سلمة بن الأكوع بيده وأتى به إلى النبي صلى الله عليه وآله القصة.
وفي رواية الخدري أنه بعث إليه سلمان وأبا ذر فجاءا به يقاد، فوضع النبي صلى الله عليه وآله رأسه على فخذه وتفل في عينيه، فقام وكأنهما جزعان، فقال له:
خذ الراية وامض بها، فجبرئيل معك والنصر أمامك والرعب مثبوت في صدور القوم، واعلم يا علي أنهم يجدون في كتابهم أن الذي يدمر عليهم اسمه إليا، فإذا لقيتهم فقل: أنا علي، فإنهم يخذلون إن شاء الله تعالى.
فضائل السمعاني أنه قال سلمة: فخرج أمير المؤمنين عليه السلام بها يهرول هرولة حتى ركز رايته في رضخ من حجارة تحت الحصن، فاطلع إليه يهودي فقال: من أنت؟ فقال: أنا علي بن أبي طالب، فقال اليهودي: غلبتم وما أنزل على موسى.