وقد تركوا المختار في الحرب مفردا * وفر جميع الصحب عنه وأجمعوا - وكان علي غائصا في جموعهم (1) * لهاماتهم بالسيف يفري ويقطع عكرمة قال علي عليه السلام: لحقني من الجزع مالا أملك نفسي، وكنت أمامه أضرب بسيفي، فرجعت أطلبه فلم أره، فقلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله ليفر وما رأيته في القتلى وأظنه رفع من بيننا، فكسرت جفن سيفي وقلت في نفسي: لأقاتلن به حتى اقتل، وحملت على القوم، فأفرجوا فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وآله قد وقع على الأرض مغشيا عليه، فوقفت على رأسه، فنظر إلي وقال: ما صنع الناس يا علي؟
قلت: كفروا يا رسول الله، ولوا الدبر من العدو وأسلموك.
تاريخ الطبري وأغاني الأصفهاني ومغازي ابن إسحاق وأخبار أبي رافع أنه أبصر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى كتيبة فقال: احمل عليهم، فحمل عليهم وفرق جمعهم، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي، ثم أبصر كتيبة أخرى فقال: رد عني، فحمل عليهم ففرق جماعتهم، وقتل شيبة بن مالك العامري، وفي رواية أبي رافع، ثم رأى كتيبة أخرى فقال: احمل عليهم، فحمل عليهم فهزمهم، وقتل هاشم بن أمية المخزومي، فقال جبرئيل: يا رسول الله إن هذه لهي المواساة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: إنه مني وأنا منه، فقال جبرئيل: وأنا منكما، فسمعوا صوتا: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.
وزاد ابن إسحاق في روايته: " فإذا ندبتم هالكا فابكوا الوفي وأخي الوفي " وكان المسلمون لما أصابهم من البلاء أثلاثا: ثلث جريج وثلث قتيل وثلث منهزم.
تفسير القشيري وتاريخ الطبري أنه انتهى أنس بن النضر إلى عمر وطلحة في رجال وقال: ما يجلسكم؟ قالوا: قتل محمد رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل.