عليه السلام إلى الإيوان وجلس فيه، ودعا بطشت فيه ماء، فقال للرجل: دع هذه الجمجمة في الطشت، ثم قال: أقسمت عليك يا جمجمة لتخبريني من أنا ومن أنت؟
فقالت الجمجمة بلسان فصيح: أما أنت فأمير المؤمنين وسيد الوصيين وإمام المتقين وأما أنا فعبد الله وابن أمة الله كسرى أنو شيروان، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: كيف حالك؟ قال: يا أمير المؤمنين إني كنت ملكا عادلا شفيقا على الرعايا رحيما، لا أرضى بظلم، ولكن كنت على دين المجوس، وقد ولد محمد صلى الله عليه وآله في زمان ملكي، فسقط من شرفات قصري ثلاثة وعشرون شرفة ليلة ولد، فهممت أن أؤمن به من كثرة ما سمعت من الزيادة من أنواع شرفه وفضله ومرتبته وعزه في السماوات والأرض ومن شرف أهل بيته، ولكني تغافلت عن ذلك وتشاغلت عنه في الملك، فيالها من نعمة ومنزلة ذهبت مني حيث لم أؤمن (1)، فأنا محروم من الجنة بعدم (2) إيماني به، ولكني مع هذا الكفر خلصني الله تعالى من عذاب النار ببركة عدلي وإنصافي بين الرعية، وأنا في النار والنار محرمة علي، فواحسرتاه لو آمنت (3) لكنت معك يا سيد أهل بيت محمد صلى الله عليه وآله ويا أمير أمته (4)، قال: فبكى الناس، وانصرف القوم الذين كانوا (5) من أهل ساباط إلى أهلهم وأخبروهم بما كان وبما جرى (6) فاضطربوا واختلفوا في معنى أمير المؤمنين، فقال المخلصون منهم: إن أمير المؤمنين عليه السلام عبد الله ووليه ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال بعضهم: بل هو النبي صلى الله عليه وآله، وقال بعضهم:
بل هو الرب وهو عبد الله (7) بن سبا وأصحابه، وقالوا: لولا أنه الرب كيف يحيي الموتى؟ قال: فسمع بذلك أمير المؤمنين وضاق صدره، وأحضرهم وقال: يا قوم غلب