فيرفع إلى بعض السعادات وقد يتفق له طريق الهلاك فيتحير في الجهالات، ولا يزيده كثرة السير إلا بعدا عن الكمالات، وهذا الأخير إليه أقرب من الأول ولتحقيق ذلك مقام آخر، وهذا الخبر مشتمل على كثير من الحقائق الربانية والاسرار الإلهية، ينتفع بها من نور الله قلبه بنور الايمان، والله الموفق وعليه التكلان.
16 - الكفاية: الحسين بن علي، عن هارون بن موسى، عن محمد بن الحسن، عن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: كنت عند الصادق جعفر بن محمد عليه السلام إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين، فقال له معاوية بن وهب: يا ابن رسول الله ما تقول في الخبر الذي روي أن رسول الله صلى الله عليه وآله رأى ربه، على أي صورة رآه؟ وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة، على أي صورة يرونه؟ فتبسم عليه السلام ثم قال: يا معاوية ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل من نعمه ثم (1) لا يعرف الله حق معرفته! ثم قال عليه السلام: يا معاوية إن محمدا صلى الله عليه وآله لم ير الرب تبارك وتعالى بمشاهدة العيان، وإن الرؤية على وجهين: رؤية القلب ورؤية البصر، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب ومن عنى برؤية البصر فقد كفر بالله وبآياته، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شبه الله بخلقه فقد كفر " و لقد حدثني أبي عن أبيه عن الحسين بن علي عليه السلام قال: سئل أمير المؤمنين فقيل له يا أخا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال: وكيف أعبد من لم أره، لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الايمان، وإذا كان المؤمن يرى ربه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق ولابد للمخلوق من الخالق فقد جعلته إذا محدثا مخلوقا، ومن شبهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا، ويلهم أو لم يسمعوا قول الله تعالى (2) " لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار وهو اللطيف الخبير (3) " وقوله: " لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا (4) "