وإنما طلع من نوره على الجبل كضوء يخرج من سم الخياط فدكت الأرض وصعقت (1) الجبال " فخر موسى صعقا " أي ميتا " فلما أفاق " ورد عليه روحه " قال سبحانك تبت إليك " من قول من زعم أنك ترى، ورجعت إلى معرفتي بك أن الابصار لا تدركك " وأنا أول المؤمنين " وأول المقرين بأنك ترى ولا ترى وأنت بالمنظر الاعلى.
ثم قال عليه السلام: إن أفضل الفرائض وأوجبها على الانسان معرفة الرب والاقرار له بالعبودية، وحد المعرفة أن يعرف أنه لا إله غيره ولا شبيه له ولا نظير له، وأن يعرف أنه قديم مثبت، موجود غير فقيد موصوف من غير شبيه ولا مثيل ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، وبعده معرفة الرسول صلى الله عليه وآله، والشهادة له بالنبوة وأدنى معرفة الرسول الاقرار بنبوته وأن ما أتى به من كتاب أو أمر أو نهي فذلك من الله عز وجل، وبعده معرفة الامام الذي به يأتم بنعته، (2) وصفته واسمه في حال العسر واليسر وأدنى معرفة الامام أنه عدل النبي إلا درجة النبوة ووارثه وأن طاعته طاعة الله وطاعة رسول الله والتسليم له في كل أمر والرد إليه والاخذ بقوله ويعلم أن الامام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله علي بن أبي طالب وبعده الحسن، ثم الحسين،، ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي، ثم أنا ثم بعدي موسى ابني وبعده علي ابنه، وبعد علي (3) محمد ابنه، وبعد محمد (4) علي ابنه، وبعد علي الحسن ابنه، والحجة من ولد الحسن.
ثم قال: يا معاوية جعلت لك أصلا في هذا فاعمل عليه، فلو كنت تموت على ما كنت عليه لكان حالك أسوأ الأحوال، فلا يغرنك قول من زعم (5) أن الله تعالى يرى بالصبر، قال: وقد قالوا: أعجب من هذا أو لم ينسبوا أبي (6) آدم إلى المكروه؟ أو لم ينسبوا إبراهيم إلى ما نسبوه؟ أو لم ينسبوا داود عليه السلام إلى ما نسبوه من حديث الطير؟