صلى الله عليه وآله وصفه بهذه الصفات المذكورة في الآية، فقال فيه - وقد ندبه (1) لفتح خيبر بعد أن رد عنها حامل الراية إليها مرة بعد أخرى وهو يجبن الناس ويجبنونه -: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه، ثم أعطاها إياه. وأما الوصف باللين على أهل الايمان والشدة على الكفار والجهاد في سبيل الله مع أنه لا يخاف فيه لومة لائم فمما لا يمكن أحدا دفع علي عن استحقاق ذلك، لما ظهر من شدته على أهل الشرك والكفر ونكايته فيهم، و مقاماته المشهورة في تشييد الملة ونصرة الدين والرأفة بالمؤمنين، ويؤكد ذلك (2) إنذار رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا بقتال علي عليه السلام لهم من بعده، حيث جاء سهيل بن عمرو في جماعة منهم فقالوا له: يا محمد إن أرقاءنا لحقوا بك فارددهم علينا، فقال رسول الله: صلى الله عليه وآله لتنتهن يا معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا يضربكم على تأويل القرآن كما ضربتكم على تنزيله، فقال له بعض أصحابه: من هو يا رسول الله، أبو بكر؟ قال لا ولكنه خاصف النعل (3) في الحجرة - وكان علي على السلام يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله - وروي عن علي عليه السلام أنه قال يوم البصرة: والله ما قوتل أهل هذه الآية حتى اليوم، وتلا هذه الآية، ثم روى عن الثعلبي حديث الحوض الدال على ارتداد الصحابة إنتهى (4).
أقول: ويؤيده أيضا ما أوردته في كتاب الفتن بأسانيد جمة عن جابر الأنصاري وأبي سعيد الخدري وابن عباس وغيرهم، واللفظ لجابر قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الفتح خطيبا فقال: أيها الناس لا أعرفنكم ترجعون بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض، ولئن فعلتم ذلك لتعرفنني في كتيبة أضربكم بالسيف، ثم التفت عن يمينه، فقال الناس، لقنه جبرئيل عليه السلام شيئا، فقال النبي صلى الله عليه وآله: هذا جبرئيل عليه السلام يقول: أو علي.
أقول: دعا النصب والعناد الرازي (5) إمام النواصب في هذا المقام إلى خرافات و