الثالث ما ذكره صاحب إحقاق الحق حيث قال: يمكن أن يكون الجعل في الجملة الاستفهامية بمعنى الحكم كما صرح به النيشابوري (1)، ويكون الجملة حكاية عن قول الرسول صلوات الله عليهم، وتأكيدا لما اضمر في الكلام من الاقرار ببعثهم على الشهادة المذكورة، بأن يكون المعنى أن الشهادة المذكورة لا يمكن التوقف فيها إلا لمن جعل من دون الرحمان آلهة يعبدون، ونظير هذا الاضمار واقع في القرآن في قوله تعالى: " أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون * يوسف أيها الصديق أفتنا (2) " غاية الأمر أن يكون ما نحن فيه من الآية لخفاء القرينة على تعيين المحذوف من المتشابهات التي لا يعلم معناها إلا بتوقيف (3) من الله تعالى على لسان رسوله انتهى (4).
أقول: الوجهان الأولان اللذان خطرا بالبال عندي أظهر، والله يعلم.
136 - كنز جامع الفوائد وتأويل الآيات الظاهرة: " أم أبرموا أمرا فإنا مبرمون (5) " الآية، قال محمد بن العباس:
حدثنا أحمد المتولي (6)، عن محمد بن حماد الشامي، عن الحسين بن أسد، عن علي بن إسماعيل المثنى (7)، عن الفضل بن الزبير، عن أبي داود، عن بريدة الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وآله قال لبعض أصحابه: سلموا على علي بإمرة المؤمنين، فقال رجل من القوم: لا والله لا تجتمع النبوة والخلافة في أهل بيت أبدا، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
ويؤيده ما روي عن عبد الله بن عباس أنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذ عليهم الميثاق لأمير المؤمنين عليه السلام مرتين: الأولى حين قال: أتدرون من وليكم من بعدي؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال صالح المؤمنين - وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليه السلام - وقال: هذا وليكم من بعدي، والثانية يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، وكانوا قد