فقالوا: قل له: يكف عن شتم آلهتنا فلا يذكرها بسوء، فنزل: (أفغير الله تأمروني أعبد) قالوا، إن كان صادقا فليخبرنا من يؤمن منا ومن يكفر، فإن وجدناه صادقا آمنا به، فنزل: (وما كان الله ليذر المؤمنين) قالوا: والله لنشتمنك وإلهك، فنزل: (فانطلق الملا منهم) قالوا: قل له فليعبد ما نعبد ونعبد ما يعبد، فنزلت سورة الكافرين، فقالوا:
قل له: أرسله الله إلينا خاصة أم إلى الناس كافة؟ قال: بل إلى الناس أرسلت كافة:
إلى الأبيض والأسود، ومن علي رؤوس الجبال، ومن في لجج البحار، ولأدعون السنة فارس والروم (يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا) فتجبرت قريش واستكبرت وقالت:
والله لو سمعت بهذا فارس والروم لاختطفتنا (1) من أرضنا ولقلعت الكعبة حجرا حجرا، فنزل: (وقالوا إن نتبع الهدى معك) وقوله: (ألم تر كيف فعل ربك) فقال المطعم بن عدي:
والله يا با طالب لقد أنصفك قومك وجهدوا على أن يتخلصوا مما تكرهه، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا.
فقال أبو طالب: والله ما أنصفوني ولكنك قد أجمعت (2) على خذلاني ومظاهرة القوم علي، فاصنع ما بدالك، فوثب (3) كل قبيلة على ما فيها من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم والاستهزاء بالنبي صلى الله عليه وآله، ومنع الله رسوله بعمه أبي طالب منهم، وقد قام أبو طالب حين رأى قريشا تصنع ما تصنع في بني هاشم فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله والقيام دونه إلا أبا لهب كما قال الله: (ولينصرن الله من ينصره) وقدم قوم من قريش من الطائف وانكروا ذلك ووقعت فتنة، فأمر النبي صلى الله عليه وآله المسلمين أن يخرجوا إلى أرض الحبشة.
ابن عباس: دخل النبي صلى الله عليه وآله الكعبة وافتتح الصلاة، فقال أبو جهل: من يقوم إلى هذا الرجل فيفسد عليه صلاته؟ فقام ابن الزبعري وتناول فرثا ودما وألقى ذلك عليه، فجاء أبو طالب وقد سل سيفه، فلما رأوه جعلوا ينهضون، فقال: والله لئن قام أحد جللته