معنى قول العباس للنبي صلى الله عليه وآله: إن عمك أبا طالب قد أسلم بحساب الجمل وعقد بيده ثلاثة وستين؟ فقال: عنى بذلك: إله أحد جواد، وتفسير ذلك أن الألف واحد واللام ثلاثون والهاء خمسة، والألف واحد والحاء ثمانية والدال أربعة والجيم ثلاثة والواو ستة والألف واحد والدال أربعة، فذلك ثلاثة وستون (1).
بيان: لعل المعنى أن أبا طالب أظهر إسلامه للنبي صلى الله عليه وآله أو لغيره بحساب العقود بأن أظهر الألف أولا بما يدل على الواحد ثم اللام بما يدل على الثلاثين وهكذا، و ذلك لأنه كان يتقي من قريش كما عرفت، وقيل: يحتمل أن يكون العاقد هو العباس حين أخبر النبي صلى الله عليه وآله بذلك، فظهر على التقديرين أن إظهار إسلامه كان بحساب الجمل، إذ بيان ذلك بالعقود لا يتم إلا بكون كل عدد مما يدل عليه العقود دالا على حرف من الحروف بذلك الحساب.
وقد قيل في حل أصل الخبر وجوه أخر: منها أنه أشار بإصبعه المسبحة: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله) فإن عقد الخنصر والبنصر وعقد الابهام على الوسطى يدل على الثلاث والستين على اصطلاح أهل العقود، وكأن المراد بحساب الجمل هذا، والدليل على ما ذكرته ما ورد في رواية شعبة، عن قتادة، عن الحسن في خبر طويل ننقل منه موضع الحاجة، وهو أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وبكى وقال:
يا محمد إني أخرج من الدنيا ومالي غم إلا غمك - إلى أن قال صلى الله عليه وآله -: يا عم إنك تخاف علي أذى أعادي ولا تخاف على نفسك عذاب ربي؟! فضحك أبو طالب وقال: يا محمد دعوتني وكنت قدما أمينا، وعقد بيده على ثلاث وستين: عقد الخنصر والبنصر وعقد الابهام على إصبعه الوسطى، وأشار بإصبعه المسبحة (2)، يقول: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) فقام علي عليه السلام وقال: الله أكبر والذي بعثك بالحق نبيا لقد شفعك في عمك وهداه بك، فقام جعفر وقال: لقد سدتنا في الجنة يا شيخي كما سدتنا في الدنيا، فلما مات أبو طالب أنزل الله تعالى: (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون (3)) رواه