نصرته، فقال: يا عماه لو وضعت الشمس في يميني والقمر في شمالي ما تركت هذا القول حتى انفذه أو اقتل دونه، ثم استعبر (1) فبكى، ثم قام يولي، فقال أبو طالب: امض لأمرك فوالله لا أخذلك أبدا.
وفي رواية أنه قال صلى الله عليه وآله: إن الله تعالى أمرني أن أدعو إلى دينه الحنيفية، و خرج من عنده مغضبا، فدعاه أبو طالب وطيب قلبه (2) ووعده بالنصر، ثم أنشأ يقول:
والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضه * وأبشر (3) بذاك وقر منك عيونا ودعوتني وزعمت أنك ناصح * فلقد صدقت وكنت قدما أمينا (4) وعرضت دينا قد عرفت بأنه * من خير أديان البرية دينا لولا المخافة أن يكون معرة * لوجدتني سمحا بذاك مبينا الطبري والواحدي بإسنادهما عن السدي، وروى ابن بابويه في كتاب النبوة عن زين العابدين عليه السلام: أنه اجتمعت قريش إلى أبي طالب ورسول الله صلى الله عليه وآله عنده، فقالوا:
نسألك من ابن أخيك النصف (5)، قال: وما النصف منه؟ قالوا: يكف عنا ونكف عنه، فلا يكلمنا ولا نكلمه، ولا يقاتلنا ولا نقاتله، ألا إن هذه الدعوة قد باعدت بين القلوب، وزرعت الشحناء (6) وأنبتت البغضاء، فقال: يا ابن أخي أسمعت؟ قال: يا عم لو أنصفني بنو عمي لأجابوا دعوتي وقبلوا نصيحتي، إن الله تعالى أمرني أن أدعو إلى دينه الحنيفية ملة إبراهيم، فمن أجابني فله عند الله الرضوان والخلود في الجنان، ومن عصاني قاتلته حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين.