أمير المؤمنين مستحي (1) من رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله عليه السلام رابط (2) على بطنه حجرا من الجوع، حتى قرعا على فاطمة الباب، فلما نظرت فاطمة عليها السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أثر الجوع في وجهه ولت هاربة، قالت: وا سوأتاه من الله ومن رسوله، كأن أبا الحسن ما علم أن لم يكن (3) عندنا شئ مذ ثلاث، ثم دخل مخدعا لها، فصلت ركعتين ثم نادت:
يا إله محمد هذا محمد نبيك وفاطمة بنت نبيك وعلي ختن نبيك (4) وابن عمه وهذان الحسن والحسين سبطا نبيك، اللهم فإن بني إسرائيل سألوك أن تنزل عليهم مائدة من السماء فأنزلتها عليهم وكفروا بها، اللهم فإن آل محمد لا يكفرون بها، ثم التفتت مسلمة فإذا هي بصحفة مملوءة من ثريد وعراق، فاحتملتها ووضعتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله فأهوى بيده إلى الصحفة (5) فسبحت الصحفة والثريد والعراق، فتلا النبي صلى الله عليه وآله (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) ثم قال: يا علي كل من جوانب القصعة ولا تهدموا ذروتها (6) فإن فيها البركة، فأكل النبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ويأكل النبي صلى الله عليه وآله وينظر إلى علي عليه السلام متبسما، وعلي يأكل وينظر إلى فاطمة متعجبا، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: كل يا علي ولا تسأل فاطمة الزهراء عن شئ، الحمد لله الذي جعل مثلك و مثلها مثل مريم بنت عمران وزكريا (كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب) يا علي هذا بالدينار الذي أقرضته، لقد أعطاك الليلة خمسا عشرين جزء من المعروف، فأما جزء واحد فجعل لك في دنياك أن أطعمك من جنته، وأما أربعة وعشرون جزء فذخرها لك لآخرتك (7).