لهم ما لم يجهلوه من وجوه استحقاقي لها دونهم، وذكرتهم عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إليهم، وتأكيد ما أكده من البيعة (1) لي في أعناقهم، دعا هم حب الامارة وبسط الأيدي والألسن في الأمر والنهي، والركون إلى الدنيا، والاقتداء بالماضين قبلهم إلى تناول ما لم يجعل الله لهم، فإذا خلوت بالواحد ذكرته أيام الله وحذرته ما هو قادم عليه وصائر إليه التمس مني شرطا أن أصيرها له بعدي، فلما لم يجدوا عندي إلا المحجة البيضاء والحمل على كتاب الله عز وجل ووصية الرسول صلى الله عليه وآله وأعطاه (2) كل امرئ منهم ما جعله الله له ومنعه ما لم يجعل الله له، أزالوها (3) عني إلى ابن عفان طمعا إلى التبجح (4) معه فيها، وابن عفان رجل لم تسو به (5) وبواحد ممن حضره حال له (6) قط فضلا عمن (7) دونهم، لا ببدر - التي هي سنام فخرهم -، ولا غيرها من المآثر التي أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وآله ومن اختصه معه من أهل بيته، ثم لم أعلم القوم أمسوا من يومهم ذلك حتى ظهرت ندامتهم، ونكصوا على أعقابهم، وأحال بعضهم على كل (8) بعض، كل يلوم نفسه ويلوم أصحابه، ثم لم تطل الأيام بالمستبد بالامر ابن عفان حتى أكفروه وتبرؤا منه، ومشى إلى أصحابه خاصة وسائر أصحاب رسول الله صلى الله عليه
(٣٤٨)