ثم تفل في عينيه، فقام وكأن (1) عينيه جزعتان، ثم أعطاه الراية ودعا له فخرج يهرول هرولة، فوالله ما بلغت أخراهم حتى دخل الحصن، قال جابر:
فأعجلنا أن نلبس أسلحتنا وصاح سعد: (2) أربع يلحق بك الناس، فأقبل حتى ركزها قريبا من الحصن، فخرج إليه مرحب في عادته باليهود، فبارزه فضرب رجله فقطعها وسقط، وحمل علي عليه السلام والمسلمون عليهم فانهزموا.
قال أبان: وحدثني زرارة قال: قال الباقر عليه السلام: انتهى إلى باب الحصن وقد أغلق في وجهه، فاجتذبه اجتذابا وتترس به، ثم حمله على ظهره، واقتحم الحصن اقتحاما واقتحم المسلمون والباب على ظهره، قال: فوالله ما لقي علي من الناس تحت الباب أشد مما لقي من الباب، ثم رمى بالباب رميا، وخرج البشير إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إن عليا عليه السلام دخل الحصن، فأقبل رسول الله فخرج علي عليه السلام يتلقاه فقال صلى الله عليه وآله: " بلغني (3) نبأك المشكور، وصنيعك المذكور، قد رضي الله عنك فرضيت أنا (4) عنك " فبكى علي عليه السلام فقال له: " ما يبكيك يا علي؟ " فقال:
فرحا بأن الله ورسوله عني راضيان. قال: وأخذ علي فيمن أخذ صفية بنت حبي فدعا بلالا فدفعها إليه، وقال له: لا تضعها إلا في يدي رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يرى فيها رأيه، فأخرجها بلال ومر بها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله على القتلى وقد كادت تذهب روحها (5) فقال صلى الله عليه وآله: " أنزعت منك الرحمة يا بلال؟ " ثم اصطفاها لنفسه، ثم أعتقها وتزوجها.
قال: فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وآله من خيبر عقد لواء، ثم قال: " من يقوم إليه (6) فيأخذه بحقه؟ " وهو يريد أن يبعث به إلى حوائط فدك، فقام الزبير إليه فقال: أنا، فقال: " امط عنه " ثم قام إليه (7) سعد فقال: " امط عنه " ثم قال: