11 - الإرشاد: ثم تلت الحديبية خيبر وكان الفتح فيها لأمير المؤمنين عليه السلام بلا ارتياب، وظهر من فضله في هذه الغزاة ما أجمع على نقله الرواة، وتفرد فيها من المناقب ما لم يشركه فيها (1) أحد من الناس، فروى يحيى بن (2) محمد الأزدي عن مسعدة بن اليسع وعبد الله بن عبد الرحيم، عن عبد الملك بن هشام ومحمد بن إسحاق وغيرهم من أصحاب الآثار قالوا: لما دنا رسول الله صلى الله عليه وآله من خيبر قال للناس: " قفوا " فوقف الناس فرفع يديه إلى السماء وقال: " اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع (3) وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، أسألك خير (4) هذه القرية وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها (5) ".
ثم نزل تحت شجرة في المكان ثم (6) أقام وأقمنا بقية يومنا ومن غده، فلما كان نصف النهار نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وآله فاجتمعنا إليه، فإذا عنده رجل جالس فقال: " إن هذا جاءني وأنا نائم فسل سيفي وقال: يا محمد من يمنعك مني اليوم؟
قلت: الله يمنعني منك، فشام السيف وهو جالس كما ترون لا حراك به " فقلنا:
يا رسول الله لعل في عقله شيئا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " نعم دعوه " ثم صرفه ولم يعاقبه، وحاصر رسول الله خيبر بضعا وعشرين ليلة، وكانت الراية يومئذ لأمير - المؤمنين عليه السلام فلحقه رمد فمنعه (7) من الحرب، وكان المسلمون يناوشون (8) اليهود من بين أيدي حصونهم وجنباتها، فلما كان ذات يوم فتحوا الباب وقد كانوا خندقوا على أنفسهم خندقا، وخرج مرحب برجله يتعرض للحرب، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله