قال: فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الناس ببعض وجهه في الظلماء فأضاء كأنه القمر ليلة البدر (1) ثم نادى المسلمين: " أين ما عاهدتم الله عليه؟ " فأسمع أولهم وآخرهم فلم يسمعها رجل إلا رمى بنفسه إلى الأرض فانحدروا (2) إلى حيث كانوا من الوادي حتى لحقوا بالعدو فقاتلوه.
قال: (3) وأقبل رجل من هوازن (4) على جمل (5) أحمر، بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام القوم، إذا أدرك ظفرا من المسلمين أكب عليهم، وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه (6) من المشركين فاتبعوه وهو يرتجز ويقول:
أنا أبو جرول لا براح * حتى نبيح القوم (7) أو نباح فصمد له أمير المؤمنين عليه السلام فضرب عجز بعيره فصرعه ثم ضربه فقطره ثم قال:
قد علم القوم لدى الصباح * إني في الهيجاء (8) ذو نصاح فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول لعنه الله، ثم التأم الناس (9) وصفوا للعدو، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " اللهم إنك أذقت أول قريش نكالا، فأذق آخرها نوالا " وتجالد المسلمون والمشركون، فلما رآهم النبي صلى الله عليه وآله قام في ركابي سرجه حتى أشرف على جماعتهم، ثم قال: الآن حمي الوطيس.
أنا النبي لا كذب * أنا ابن عبد المطلب فما كان بأسرع من أن ولى القوم أدبارهم (10) وجئ بالأسرى (11) إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مكتفين (12) ولما قتل أمير المؤمنين عليه السلام أبا جرول وخذل القوم بقتله (13)