وقوله عز وجل: " ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين " (1) أي محنة فيفتنوا بذلك، و يقولوا في أنفسهم: لم نقتلهم إلا ودينهم الباطل وديننا الحق فيكون ذلك داعيا لهم إلى النار على ما هم عليه من الكفر والظلم. وقد زاد علي بن إبراهيم بن هاشم على هذه الوجوه العشرة وجها آخر فقال: في الوجوه من الفتنة ما هو المحبة وهو قوله عز وجل:
" إنما أموالكم وأولادكم فتنة " (2) أي محبة، والذي عندي في ذلك أن وجوه الفتنة عشرة، وأن الفتنة في هذا الموضع أيضا المحنة بالنون لا المحبة بالباء، وتصديق ذلك قول النبي صلى الله عليه وآله: " الولد مجهلة مجنبة مبخلة " وقد أخرجت هذا الحديث مسندا في كتاب مقتل الحسين بن علي عليهما السلام. " ص 392 - 397 " بيان: قوله صلى الله عليه وآله: مجعلة أي يحملون آباءهم على الجهل، مجنبة أي يحملونهم على الجبن. مبخلة أي يحملونهم على البخل.
أقول: هذه الوجوه من القضاء والفتنة المذكورة في تفسير النعماني فيما رواه عن أمير المؤمنين عليه لسلام وقد أثبتناه بإسناده في كتاب القرآن.
35 - التوحيد: أبي، عن سعد، عن ابن عيسى، عن محمد البرقي، عن عبد الملك بن عنترة الشيباني، (3) عن أبيه، عن جده قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال:
يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، فقال: بحر عميق فلا تلجه. فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال: طريق مظلم فلا تسلكه. قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر قال: سر الله فلا تتكلفه. قال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن القدر، قال: فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما إذا أبيت فإني سائلك: أخبرني أكانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد أم كانت أعمال العباد قبل رحمة الله؟ قال: فقال له الرجل: بل كانت رحمة الله للعباد قبل أعمال العباد; فقال أمير المؤمنين