بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ١١١
عليه السلام قوموا فسلموا على أخيكم فقد أسلم، وقد كان كافرا، قال: وانطلق الرجل غير بعيد ثم انصرف إليه فقال له: يا أمير المؤمنين أبا لمشية الأولى نقوم ونقعد ونقبض ونبسط؟
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: وإنك لبعيد في المشية؟! أما اني سائلك عن ثلاث لا يجعل الله لك في شئ منها مخرجا: أخبرني أخلق الله العباد كما شاء أو كما شاؤوا؟ فقال: كما شاء، قال: فخلق الله العباد لما شاء أو لما شاؤوا؟ فقال: لما شاء، قال: يأتونه يوم القيامة كما شاء أو كما شاؤوا؟ قال: يأتونه كما شاء، قال: قم فليس إليك من المشية شئ. " ص 374 - 375 " بيان: لعل المراد المشية المستقلة التي لا يحتاج معها إلى عون الله وتوفيقه. (1) 36 - التوحيد: أبي، عن سعد، عن ابن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن زرارة،

(١) كل واحد من آحاد الخلق محدود بحدود يتعين بها في وجوده كالطول والعرض واللون وسائر الأوصاف والروابط التي يرتبط بغيره بواسطتها ككون الانسان ابن فلان وأخا فلان وأبا فلان وفى زمان كذا ومكان كذا وهكذا. وإذا أمعنت النظر في ذلك وجدت أن جميع أسباب وجود الشئ ذوات دخل في حدود وجوده سائر ما يتعلق بوجوده وانها هي التي يتقدر بها الشئ غير أن كلا من الأسباب أيضا يتقدر بما يتقدمه من المقدرات، ولا محالة تنتهى إليه سبحانه فعنده تعالى حقيقة ما يقتدر به كل شئ ويتحدد به كل أمر.
والأشياء إنما ترتبط به تعالى من جهة صفاته الفعلية التي بها ينعم عليها ويقيم صلبها ويدبر أمرها كالرحمة والرزق والهداية والاحياء والحفظ والخلق وغيرها وما يقابلها فلله سبحانه من جهة صفات فعله دخل في كل شئ مخلوق وما يتعلق به من أثر وفعل إذ لا معنى لاثبات صفة فيه تعالى متعلقة بالأشياء وهي لا تتعلق بها.
ولذلك فإنه عليه السلام سأل الرجل عن تقدم صفة الرحمة على الاعمال، ولا معنى لتقدمها مع عدم ارتباطها بها وتأثيرها فيها فقد نظم الله الوجود بحيث تجرى فيه الرحمة والهداية والمثوبة والمغفرة وكذا ما يقابلها ولا يوجب ذلك بطلان الاختيار في الافعال فان تحقق الاختيار نفسه مقدمة من مقدمات تحقق الامر المقدر إذ لولا الاختيار لم يتحقق طاعة ولا معصية فلم يتحقق ثواب ولا عقاب ولا امر ولا نهى ولا بعث ولا تبليغ. ومن هنا يظهر وجه تمسك الإمام عليه السلام بسبق صفة الرحمة على العمل ثم بيانه عليه السلام أن لله مشية في كل شئ وأنها لا تلغو ولا تغلبه مشية العبد فالفعل لا يخطئ مشيته تعالى ولا يوجب ذلك بطلان تأثير مشية العبد فان مشية العبد إحدى مقدمات تحقق ما تعلقت به مشيته تعالى فان شاء الفعل الذي يوجد بمشية العبد فلابد لمشية العبد من التحقق والتأثير فافهم ذلك، وهذه الرواية الشريفة على ارتفاع مكانتها ولطف مضمونها يتضح به جميع ما ورد في الباب من مختلف الروايات، وكذا الآيات المختلفة من غير حاجة إلى أخذ بعض وتأويل بعض آخر. ط
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331