عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: قوله تعالى: " وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين " قال: لان المشية إليه تبارك وتعالى لا إلى الناس. " ص 714 " بيان: لعل المراد أن المشية إنما هي مما خلقها الله في العبد وجعله شائيا فلا يشاؤون إلا بعد أن جعلهم الله بحيث يقدرون على المشية، أو أن المشية المستقلة التي لا يعارضها شئ إنما هي لله تعالى، وأما مشية العباد فهي مشوبة بالعجز يمكن أن يصرفهم الله تعالى عنها إذا شاء، فهم لا يشاؤون إلا بعد أن يهيئ الله لهم أسباب الفعل ولم يصرفهم عن مشيتهم، فالمعنى أن المشية المستقلة إليه تعالى، أو أن أسباب المشية ونفوذها بقدرته تعالى.
وفي الآية وجه آخر ذكر في الخبر السابق، وحاصله أن الله تعالى بعد أن أكمل أولياءه وحججه عليهم السلام لا يشاؤون شيئا إلا بعد أن يلهمهم الله تعالى ويلقي المشية في قلوبهم، فهو المتصرف في قلوبهم وأبدانهم والمسدد لهم في جميع أحوالهم فالآية خاصة غير عامة. وقال الطبرسي رحمه الله: فيه أقوال: أحدها أن معناه: وما تشاؤون الاستقامة إلا أن يشاء الله ذلك من قبل حيث خلقكم لها وكلفكم بها، فمشيته تعالى بين يدي مشيتكم.
وثانيها: أنه خطاب للكفار والمراد: لا تشاؤون الاسلام إلا أن يشاء الله أن يجبركم عليه ويلجئكم إليه، ولكنه لا يفعل لأنه يريد منكم أن تؤمنوا اختيارا لتستحقوا الثواب.
وثالثها: أن المراد: وما تشاؤون إلا أن يشاء الله أن يلطف لكم في الاستقامة. (1)