بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٣١
مخلوق، وليس للعباد فيهما من صنع، ولهم فيهما الاختيار من الاكتساب، فبشهوتهم الايمان اختاروا المعرفة فكانوا بذلك مؤمنين عارفين، وبشهوتهم الكفر اختاروا الجحود فكانوا بذلك كافرين جاحدين ضلالا، وذلك بتوفيق الله لهم، وخذلان من خذله الله، فبالاختيار والاكتساب عاقبهم الله وأثابهم; وسألت رحمك الله عن القرآن واختلاف الناس قبلكم فإن القرآن كلام الله محدث غير مخلوق، وغير أزلي مع الله تعالى ذكره، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا، كان الله عز وجل ولا شئ غير الله معروف ولا مجهول كان عز وجل ولا متكلم ولا مريد ولا متحرك ولا فاعل، عز وجل ربنا، فجميع هذه الصفات محدثة عند حدوث الفعل منه، عز وجل ربنا، والقرآن كلام الله غير مخلوق، فيه خبر من كان قبلكم، وخبر ما يكون بعدكم، (1) انزل من عند الله على محمد رسول الله صلى الله عليه وآله.
وسألت رحمك الله عن الاستطاعة للفعل فإن الله عز وجل خلق العبد وجعل له الآلة و الصحة، وهي القوة التي يكون العبد بها متحركا مستطيعا للفعل، ولا متحرك إلا وهو يريد الفعل، وهي صفة مضافة إلى الشهوة التي هي خلق الله عز وجل، مركبة في الانسان فإذا تحركت الشهوة للانسان (2) اشتهى الشئ وأراده، فمن ثم قيل للانسان: مريد، فإذا أراد الفعل وفعل كان مع الاستطاعة والحركة، فمن ثم قيل للعبد: مستطيع متحرك، فإذا كان الانسان ساكنا غير مريد للفعل وكان معه الآلة وهي القوة والصحة اللتان بهما تكون حركات الانسان وفعله كان سكونه لعلة سكون الشهوة فقيل: ساكن، فوصف بالسكون فإذا اشتهى الانسان وتحركت شهوته التي ركبت فيه اشتهى الفعل وتحرك بالقوة المركبة فيه، واستعمل الآلة التي يفعل بها الفعل فيكون الفعل منه عندما تحرك واكتسبه فقيل: فاعل ومتحرك ومكتسب و مستطيع أو لا ترى أن جميع ذلك صفات يوصف بها الانسان؟ وسألت رحمك الله عن التوحيد وما ذهب إليه من قبلك فتعالى الله الذي ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، تعالى الله عما يصفه الواصفون المشبهون الله تبارك وتعالى بخلقه، المفترون على الله عز وجل، فاعلم رحمك الله أن المذهب الصحيح في التوحيد ما نزل به القرآن من صفات الله عز وجل،

(1) في نسخة: وخبر من يكون بعدكم.
(2) في التوحيد المطبوع: في الانسان.
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331