بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٧
33 - الإحتجاج: وروى أنه دخل أبو حنيفة المدينة ومعه عبد الله بن مسلم فقال له: يا أبا حنيفة إن ههنا جعفر بن محمد من علماء آل محمد عليهم السلام فاذهب بنا إليه نقتبس منه علما فلما أتيا إذا هما بجماعة من شيعته ينتظرون خروجه أو دخولهم عليه، فبينما هم كذلك إذ خرج غلام حدث (1) فقام الناس هيبة له، فالتفت أبو حنيفة فقال: يا بن مسلم من هذا؟
قال هذا موسى ابنه، قال: والله لأجبهنه (2) بين يدي شيعته قال: مه لن تقدر على ذلك، قال: والله لأفعلنه (3) ثم التفت إلى موسى عليه السلام فقال: يا غلام أين يضع الغريب حاجته في بلدتكم هذه؟ قال: يتوارى خلف الجدار، ويتوقى أعين الجار، وشطوط الأنهار، ومسقط الثمار، ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، فحينئذ يضع حيث شاء، (4) ثم قال: يا غلام ممن المعصية؟ قال: يا شيخ لا تخلو من ثلاث إما أن تكون من الله وليس من العبد شئ فليس للحكيم أن يأخذ عبده بما لم يفعله، وإما أن تكون من العبد ومن الله والله أقوى الشريكين فليس للشريك الأكبر أن يأخذ الشريك الأصغر بذنبه، وإما أن تكون من العبد وليس من الله شئ فإن شاء عفى وإن شاء عاقب. قال: فأصابت أبا حنيفة سكتة كأنما ألقم فوه الحجر، (5) قال: فقلت له ألم أقل لك لا تتعرض لأولاد رسول الله صلى الله عليه وآله؟ " ص 210 - 211 "

(١) الحدث: الشاب.
(٢) أي لأنكسن رأسه، وفي نسخة: لاهجبنه لعله من (الهجب): السوق والسرعة; الضرب بالعصا.، وفى الاحتجاج المطبوع: والله أخجله.
(٣) يعرف من هذا نفسيات إمام السنة ورزانته وعفافه في الحجاج! هبه لم يكن يرى لسلالة النبوة قداسة وحرمة فبم كان يرى إباحة تخجيل امرء مسلم، وهو يراه غلاما حدثا؟ لم يكن بينه وبينه عداوة ولا خصام; كما يعرف تبحر الإمام عليه السلام في الأصول والفروع وقوة حجاجه وهو غلام حدث.
(٤) أقول: أخرج الكليني صدر الحديث من قوله: " يا غلام أين يضع الغريب ببلدكم " في المجلد الأول من فروع الكافي ص ٦ عن علي بن إبراهيم رفعه، وفيه زيادة وهو هكذا: فقال: اجتنب أفنية المساجد، وشطوط الأنهار، ومساقط الثمار، ومنازل النزال، ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول، وارفع ثوبك، وضع حيث شئت. وأورده الشيخ باسناده عن الكليني في التهذيب ج ١ ص ٩.
(5) مثل سائر يضرب لمن تكلم فأجيب بمسكتة.
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331