بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٠
والأخبار الصحيحة بخلافه وليس نعرف في لغة العرب أن العلم بالشئ هو خلق له، ولو كان ذلك كما قال المخالفون للحق لوجب أن يكون من علم النبي صلى الله عليه وآله فقد خلقه، ومن علم السماء والأرض فهو خالق لهما، ومن عرف بنفسه شيئا من صنع الله تعالى وقرره في نفسه أن يكون خالقا له; وهذا محال لا يذهب وجه الخطأ فيه على بعض رعية الأئمة عليهم السلام فضلا عنهم.
فأما التقدير فهو الخلق في اللغة لان التقدير لا يكون إلا بالفعل، فأما بالعلم فلا يكون تقديرا، ولا يكون أيضا بالفكر، والله متعال عن خلق الفواحش والقبائح على كل حال. وقد روي عن أبي الحسن الثالث عليه السلام أنه سئل عن أفعال العباد أهي مخلوقة لله تعالى؟ فقال عليه السلام لو كان خالقا لها لما تبرأ منها وقد قال سبحانه: " إن الله برئ من المشركين " ولم يرد البراءة من خلق ذواتهم، وإنما تبرأ من شركهم وقبائحهم، و كتاب الله تعالى المقدم على الأحاديث والروايات، وإليه يتقاضى في صحيح الاخبار و سقيمها، فما قضى به فهو الحق دون ما سواه، قال الله تعالى: " الذي أحسن كل شئ خلقه وبدأ خلق الانسان من طين " فخبر بأن كل شئ خلقه فهو حسن غير قبيح، فلو كانت القبائح من خلقه لما حكم بحسن جميع ما خلق، وقال تعالى: " ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت " فنفى التفاوت عن خلقه، وقد ثبت أن الكفر والكذب متفاوت في نفسه، والمتضاد من الكلام متفاوت فكيف يجوز أن يطلقوا على الله تعالى أنه خالق لافعال العباد وفي أفعال العباد من التفاوت ما ذكرناه؟
* 30 - الإحتجاج: مما أجاب به أبو الحسن علي بن محمد العسكري عليه السلام في رسالته إلى أهل الأهواز حين سألوه عن الجبر والتفويض أن قال: اجتمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم في ذلك أن القرآن حق لا ريب فيه عند جميع فرقها، فهم في حالة الاجتماع عليه مصيبون، وعلى تصديق ما أنزل الله مهتدون لقول النبي صلى الله عليه وآله: لا تجتمع أمتي على ضلالة، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله أن ما اجتمعت عليه الأمة ولم يخالف بعضها بعضا هو الحق، فهذا معنى الحديث لا ما تأوله الجاهلون، ولا ما قاله المعاندون من إبطال

* سيأتي الحديث مفصلا في الباب الآتي بصورة أخرى عن تحف العقول.
(٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331