وفي ذلك يقول الشاعر هذه الأبيات:
لم تخل أفعالنا اللاتي نذم بها * إحدى ثلاث معان حين نأتيها إما تفرد بارينا بصنعتها * فيسقط اللوم عنا حين ننشيها أو كان يشركنا فيها فيلحقه * ما سوف يلحقنا من لائم فيها أولم يكن لالهي في جنايتها * ذنب فما الذنب إلا ذنب جانيها تفسير علي بن إبراهيم: وأما الرد على المجبرة الذين قالوا: ليس لنا صنع ونحن مجبرون، يحدث الله لنا الفعل عند الفعل، وإنما الافعال هي منسوبة إلى الناس على المجاز لا على الحقيقة، وتأولوا في ذلك آيات من كتاب الله عز وجل لم يعرفوا معناها، مثل قوله:
" وما تشاؤون إلا أن يشاء الله " وقوله: " ومن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا " وغير ذلك من الآيات التي تأويلها على خلاف معانيها، وفيما قالوه إبطال الثواب والعقاب، وإذا قالوا ذلك ثم أقروا بالثواب والعقاب نسبوا الله إلى الجور، وأنه يعذب على غير اكتساب وفعل، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا أن يعاقب أحدا على غير فعل وبغير حجة واضحة عليه، والقرآن كله رد عليهم، قال الله تبارك وتعالى: " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " فقوله عز وجل: " لها وعليها " هو على الحقيقة لفعلها، وقوله: " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " وقوله: " كل نفس بما كسبت رهينة " وقوله: " ذلك بما قدمت أيديكم "، وقوله: " وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ": وقوله: " إنا هديناه السبيل " يعني بينا له طريق الخير وطريق الشر " إما شاكرا وإما كفورا " وقوله: " وعادا وثمود. وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا مستبصرين * وقارون وفرعون وهامان ولقد جائهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه " فلم يقل: بفعلنا " فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " ومثله كثير. " ص 20 - 21 "