بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٨
لا ينسى ما جرى هذا المجرى وإن بعد العهد وطال الزمان، ولهذا لا يجوز أن يتصرف أحدنا في بلد من البلدان وهو عاقل كامل فينسى مع بعد العهد جميع تصرفه المتقدم و سائر أحواله. وليس أيضا لتخلل الموت بين الحالين تأثير لأنه لو كان تخلل الموت يزيل الذكر لكان تخلل النوم والسكر والجنون والاغماء بين أحوال العقلاء يزيل ذكرهم لما مضى من أحوالهم; لان سائر ما عددناه مما ينفي العلوم يجري مجري الموت في هذا الباب، وليس لهم أن يقولوا: إذا جاز في العاقل الكامل أن ينسى ما كان عليه في حال الطفولية جاز ما ذكرنا، وذلك أنا إنما أوجبنا ذكر العقلاء لما ادعوه إذا كملت عقولهم من حيث جرى عليهم وهم كاملو العقل، ولو كانوا بصفة الأطفال في تلك الحال لم نوجب عليهم ما أوجبناه، على أن تجويز النسيان عليهم ينقض الغرض في الآية، و ذلك أن الله تعالى أخبر بأنه إنما قررهم وأشهدهم لئلا يدعوا يوم القيامة الغفلة عن ذلك، وسقوط الحجة عنهم فيه، فإذا جاز نسيانهم له عاد الامر إلى سقوط الحجة عنهم وزواله.
وإن كانوا على الصفة الثانية من فقد العلم وشرائط التكليف قبح خطابهم و تقريرهم وإشهادهم، وصار ذلك عبثا قبيحا يتعالى الله عنه.
فإن قيل: قد أبطلتم تأويل مخالفيكم فما تأويلها الصحيح عندكم؟
قلنا: في الآية وجهان: أحدهما أن يكون تعالى إنما عنى بها جماعة من ذرية بني آدم خلقهم وبلغهم وأكمل عقولهم وقررهم على ألسن رسله عليهم السلام بمعرفته وما يجب من طاعته، فأقروا بذلك وأشهدهم على أنفسهم به، لئلا يقولوا يوم القيامة: إنا كنا عن هذا غافلين، أو يعتذروا بشرك آبائهم، وإنما أتي من اشتبه عليه تأويل الآية من حيث ظن أن اسم الذرية لا يقع إلا على من لم يكن كاملا عاقلا، وليس الامر كما ظن لأنا نسمي جميع البشر بأنهم ذرية آدم، وإن دخل فيهم العقلاء الكاملون، وقد قال الله تعالى: " ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم و أزواجهم وذرياتهم " ولفظ الصالح لا يطلق إلا على من كان كاملا عاقلا، فإن استبعدوا تأويلنا وحملنا الآية على البالغين المكلفين فهذا جوابهم.
(٢٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331