بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٧٣
والقول الثاني باطل بالاجماع، وفي القول الأول فنقول: إما أن يقال: إنهم بقوا فهماء، عقلاء، قادرين حال ما كانوا نطفة وعلقة ومضغة، أو ما بقوا كذلك، والأول باطل ببديهة العقل. والثاني يقتضي أن يقال: الانسان حصل له الحياة أربع مرات; أولها وقت الميثاق، وثانيها في الدنيا، وثالثها في القبر، ورابعها في القيامة، وأنه حصل له الموت ثلاث مرات: موت بعد الحياة الحاصلة في الميثاق الأول، وموت في الدنيا، وموت في القبر، وهذا العدد مخالف للعدد المذكور في قوله تعالى: " ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين ". (1) الثاني عشر قوله تعالى: " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين " (2) فلو كان القول بهذا الذر صحيحا لكان ذلك الذر هو الانسان، لأنه هو المكلف المخاطب، المثاب المعاقب، وذلك باطل لان الذر غير مخلوق من النطفة والعلقة والمضغة، ونص الكتاب دليل على أن الانسان مخلوق من النطفة والعلقة والمضغة، وهو قوله: " ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين " وقوله: " قتل الانسان ما أكفره من أي شئ خلقه من نطفة خلقه فقدره " (3) فهذه جملة الوجوه المذكورة في بيان أن هذا القول ضعيف.
والقول الثاني في تفسير هذه الآية قول أصحاب النظر وأرباب المعقولات أنه أخرج الذر وهم الأولاد من أصلاب آبائهم، وذلك الاخراج أنهم كانوا نطفة فأخرجها الله تعالى في أرحام الأمهات، وجعلها علقة، ثم مضغة، ثم جعلهم بشرا سويا، وخلقا كاملا، ثم أشهدهم على أنفسهم بما ركب فيهم من دلائل وحدانيته، وعجائب خلقه و غرائب صنعه، فبالاشهاد صاروا كأنهم قالوا: بلى وإن لم يكن هناك قول باللسان لذلك نظائر.
منها قوله تعالى: " فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين ".
ومنها قوله تعالى: " إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون ".
وقول العرب: قال الجدار للوتد: لم تشقني؟ قال: سل من يدقني، فإن الذي ورائي ما خلاني ورأيي. وقال الشاعر:
امتلأ الحوض وقال قطني.

(١) المؤمن: ١١.
(٢) المؤمنون: ١٢.
(٣) عبس: ١٩.
(٤) فصلت: ١١.
(٥) النحل: ٤٢.
(٢٧٣)
مفاتيح البحث: القتل (1)، القبر (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331