بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٧٢
وأجاب الزجاج عنه وقال: لما لم يبعد أن يؤتي الله النمل العقل كما قال: " قالت نملة يا أيها النمل " (1) وأن يعطي الجبل الفهم حتى يسبح كما قال: " وسخرنا مع داود الجبال يسبحن " (2) وكما أعطى الله العقل للبعير حتى سجد للرسول صلى الله عليه وآله، وللنخلة حتى سمعت وانقادت حين دعيت فكذا ههنا.
التاسع: أن أولئك الذر في ذلك الوقت إما أن يكونوا كاملي العقول والقدر أو ما كانوا كذلك فإن كان الأول كانوا مكلفين لا محالة، وإنما يبقون مكلفين إذا عرفوا الله بالاستدلال، ولو كانوا كذلك لما امتازت أحوالهم في ذلك الوقت عن أحوالهم في هذه الحياة الدنيا، فلو افتقر التكليف في الدنيا إلى سبق ذلك الميثاق لافتقر التكيف في وقت ذلك الميثاق إلى سبق ميثاق آخر، ولزم التسلسل وهو محال.
وأما الثاني وهو أن يقال: إنهم في وقت ذلك الميثاق ما كانوا كاملي العقول ولا كاملي القدر، فحينئذ يمتنع توجيه الخطاب والتكليف عليهم.
العاشرة: قوله تعالى: " فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق " (3) ولو كانت تلك الذرات عقلاء فاهمين كاملين لكانوا موجودين قبل هذا الماء الدافق، ولا معنى للانسان إلا ذلك الشئ، فحينئذ لا يكون الانسان مخلوقا من الماء الدافق، وذلك رد لنص القرآن.
فإن قالوا:: لم لا يجوز أن يقال: إنه تعالى خلقه كامل العقل والفهم والقدرة عند الميثاق، ثم أزال عقله وفهمه وقدرته، ثم إنه خلقه مرة أخرى في رحم الام، و وأخرجه إلى هذه الحياة؟
قلنا: هذا باطل، لأنه لو كان الامر كذلك لما كان خلقه من النطفة خلقا على سبيل الابتداء، بل كان يجب أن يكون خلقا على سبيل الإعادة، وأجمع المسلمون على أن خلقه من النطفة هو الخلق المبتدأ، فدل هذا على أن ما ذكرتموه باطل.
الحادي عشر هي أن تلك الذرات إما أن يقال: إنه عين هؤلاء الناس أو غيرهم،

(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331