بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٧
بمباينة في الرأي والهوى اختلف، وهذه موجود حسا ومشاهد، وليس المراد بذلك أن ما تعارف منها في الذر ائتلف - كما يذهب إليه الحشوية - كما بيناه من أنه لا علم للانسان بحال كان عليها قبل ظهوره في هذا العالم، ولو ذكر بكل شئ ما ذكر ذلك، فوضح بما ذكرناه أن المراد بالخبر ما شرحناه، والله الموفق للصواب انتهى أقول: طرح ظواهر الآيات والأخبار المستفيضة بأمثال تلك الدلائل الضعيفة والوجوه السخيفة جرأة على الله وعلى أئمة الدين، ولو تأملت فيما يدعوهم إلى ذلك من دلائلهم وما يرد عليها من الاعتراضات الواردة لعرفت أن بأمثالها لا يمكن الاجتراء على طرح خبر واحد، فكيف يمكن طرح تلك الأخبار الكثيرة الموافقة لظاهر الآية الكريمة بها وبأمثالها، وسيأتي الأخبار الدالة على تقدم خلق الأرواح على الأجساد في كتاب السماء والعالم، وسنتكلم عليها.
ومنها ما ذكره السيد المرتضى رضي الله عنه في قوله تعالى: " وإذ أخذ ربك " الآية حيث قال: وقد ظن بعض من لا بصيرة له ولا فطنة عنده أن تأويل هذه الآية:
أن الله سبحانه استخرج من ظهر آدم عليه السلام جميع ذريته - وهم في خلق الذر - فقررهم بمعرفته، وأشهدهم على أنفسهم، وهذا التأويل مع أن العقل يبطله ويحيله مما يشهد ظاهر القرآن بخلافه لان الله تعالى قال: " وإذ أخذ ربك من بني آدم " ولم يقل:
" من آدم " وقال: من " ظهورهم " ولم يقل: " من ظهوره " وقال: " ذريتهم " ولم يقل:
" ذريته " ثم أخبر تعالى بأنه فعل ذلك لئلا يقولوا يوم القيامة أنهم كانوا عن هذا غافلين، أو يعتذروا بشرك آبائهم وأنهم نشؤوا على دينهم وسنتهم، وهذا يقتضي أن الآية لم تتناول ولد آدم عليه السلام لصلبه، وأنها إنما تناولت من كان له آباء مشركون وهذا يدل على اختصاصها ببعض ذرية بني آدم، فهذه شهادة الظاهر ببطلان تأويلهم; فأما شهادة العقول فمن حيث لا تخلو هذه الذرية التي استخرجت من ظهر آدم عليه السلام و خوطبت وقررت من أن تكون كاملة العقول، مستوفية بشروط التكلف، أولا تكون كذلك، فإن كانت بالصفة الأولى وجب أن يذكر هؤلاء بعد خلقهم وإنشائهم وإكمال عقولهم ما كانوا عليه في تلك الحال وما قرروا به واستشهدوا عليه، لان العاقل
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331