بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٥
العذاب " (1) ولم يرد أن المذكور يسجد كسجود البشر في الصلاة، وإنما أراد به غير ممتنع من فعل الله فهو كالمطيع لله وهو معبر عنه بالساجد، قال الشاعر:
بجمع تظل البلق في حجراته * ترى الأكم فيها سجدا للحوافر (2) يريد أن الحوافر تذل الأكم بوطيها عليها وقوله تعالى: " ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين " (3) وهو سبحانه لم يخاطب السماء بكلام; ولا السماء قالت قولا مسموعا، وإنما أراد أنه عمد إلى السماء فخلقها ولم يتعذر عليه صنعتها، فكأنه لما خلقها قال لها وللأرض: ائتيا طوعا أو كرها، فلما تعلقت بقدرته كانتا كالقائل: أتينا طائعين وكمثل قوله تعالى: " يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد " (4) والله تعالى يجل عن خطاب النار وهي مما لا يعقل ولا يتكلم، وإنما الخبر عن سعتها و أنها لا تضيق بمن يحلها من المعاقبين، وذلك كله على مذهب أهل اللغة وعادتهم في المجاز، ألا ترى إلى قول الشاعر:
وقالت له العينان سمعا وطاعة * وأسبلتا (5) كالدر ما لم يثقب والعينان لم تقولا قولا مسموعا، ولكنه أراد منهما البكاء، فكانت كما أراد من غير تعذر عليه. ومثله قول عنترة:
فازور من وقع القنا بلبانه * وشكى إلي بعبرة وتحمم (6)

(١) الحج: ١٨.
(٢) الأكم جمع الأكمة: التل. والحوافر جمع الحافر، والحافر للدابة بمنزلة القدم للانسان.
(٣) حم السجدة: ١١.
(٤) ق: ٣٠.
(5) أسبلت العين الدمع: أرسلت.
(6) الازورار عن الشئ العدول عنه، والقنا جمع قناة وهي الرمح، ووقعها وقوعها والضرب بها، واللبان بالفتح ما جرى عليه اللبن. منه قدس سره.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331