مسح ظهره فسقط من ظهره كل نسمة (1) من ذريته إلى يوم القيامة.
وقال مقاتل: إن الله مسح صفحة ظهر آدم اليمنى فخرج منه ذرية بيضاء كهيئة الذر تتحرك، ثم مسح صفحة ظهره اليسرى فخرج منه ذرية سود كهيئة الذر; فقال:
يا آدم هؤلاء ذريتك، ثم قال لهم: " ألست بربكم قالوا بلى " فقال للبيض: هؤلاء في الجنة برحمتي وهم أصحاب اليمين، وقال للسود: هؤلاء في النار ولا أبالي، وهم أصحاب الشمال وأصحاب المشأمة; ثم أعادهم جميعا في صلب آدم، فأهل القبور محبوسون حتى يخرج أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال وأرحام النساء. وقال تعالى فيمن نقض العهد الأول: " وما وجدنا لأكثرهم من عهد " (2) وهذا القول قد ذهب إليه كثير من قدماء المفسرين كسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والضحاك، وعكرمة، والكلبي.
وأما المعتزلة فقد أطبقوا على أنه لا يجوز تفسير هذه الآية بهذه الوجه واحتجوا على فساد هذا القول بوجوه:
الأول: أنه قال: " من بني آدم من ظهورهم " فقوله: " من ظهورهم " بدل من قوله:
" بني آدم " فلم يذكر الله أنه أخذ من ظهر آدم شيئا.
الثاني: أنه لو كان كذلك لما قال: " من ظهورهم " ولا " من ذريتهم " بل قال:
من ظهره وذريته.
الثالث: أنه تعالى حكى عن أولئك الذرية أنهم قالوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل وهذا الكلام لا يليق بأولاد آدم لأنه عليه السلام ما كان مشركا.
الرابع: أن أخذ الميثاق لا يمكن إلا من العاقل، فلو أخذ الله الميثاق من أولئك لكانوا عقلاء، ولو كانوا عقلاء وأعطوا ذلك الميثاق حال عقلهم لوجب أن يتذكروا في هذا الوقت أنهم أعطوا الميثاق قبل دخولهم في هذا العالم لان الانسان إذا وقعت له واقعة عظمية مهيبة فإنه لا يجوز مع كونه عاقلا أن ينساها نسيانا كليا لا يتذكر منها