بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٤
بالكائن قبل كونه، وليزداد آدم عليه السلام يقينا بربه، ويدعوه ذلك إلى التوفر على طاعته، والتمسك بأوامره، والاجتناب لزواجره. فأما الاخبار التي جاءت بأن ذرية آدم عليه السلام استنطقوا في الذر فنطقوا فأخذ عليهم العهد فأقروا فهي من أخبار التناسخية، وقد خلطوا فيها ومزجوا الحق بالباطل، والمعتمد من إخراج الذرية ما ذكرناه دون ما عداه مما استمر القول به على الأدلة العقلية والحجج السمعية، وإنما هو تخليط لا يثبت به أثر على ما وصفناه.
فصل: فإن تعلق متعلق بقوله تبارك اسمه: " وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غافلين " (1) فظن ظاهر هذا القول تحقق ما رواه أهل التناسخ والحشوية والعامة في إنطاق الذرية وخطابهم وأنهم كانوا أحياءا ناطقين.
فالجواب عنه أن لهذه الآية من المجاز في اللغة كنظائرها مما هو مجاز واستعارة والمعنى فيها أن الله تبارك وتعالى أخذ من كل مكلف يخرج من ظهر آدم وظهور ذريته العهد عله بربوبيته، من حيث أكمل عقله، ودله بآثار الصنعة على حدثه، وأن له محدثا أحدثه لا يشبهه يستحق العبادة منه بنعمه عليه، فذلك هو أخذ العهد منهم، وآثار الصنعة فيهم، والاشهاد لهم على أنفسهم بأن الله تعالى ربهم، وقوله تعالى: " قالوا بلى " يريد به أنهم لم يمتنعوا من لزوم آثار الصنعة فيهم، ودلائل حدثهم اللازمة لهم، وحجة العقل عليهم في إثبات صانعهم، فكأنه سبحانه لما ألزمهم الحجة بعقولهم على حدثهم ووجود محدثهم قال لهم: " ألست بربكم "؟ فلما لم يقدروا على الامتناع من لزوم دلائل الحدث لهم كانوا كقائلين: " بلى شهدنا " وقوله تعالى:
" أن يقولوا يوم القيمة إنا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون " ألا ترى أنه احتج عليهم بما لا يقدرون يوم القيامة أن يتأولوا في إنكاره ولا يستطيعون، وقد قال سبحانه: " والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه

(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331