بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٦٦
والفرس لا يشتكي قولا، لكنه ظهر منه علامة الخوف والجزع، فسمى ذلك قولا. ومنه قول الآخر:
وشكى إلي جملي طول السرى. (1) والجمل لا يتكلم، لكنه لما ظهر منه النصب والوصب لطول السرى عبر عن هذه العلامة بالشكوى التي تكون كالنطق والكلام، ومنه قولهم أيضا:
امتلأ الحوض وقال قطني (2) * حسبك مني قد ملأت بطني.
والحوض لم يقل قطني، لكنه لما امتلأ بالماء عبر عنه بأنه قال: حسبي، ولذلك أمثال كثيرة في منثور كلام العرب ومنظومه، وهو من الشواهد على ما ذكرناه في تأويل الآية والله تعالى نسأل التوفيق.
فصل: فأما الخبر أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد بألفي عام فهو من أخبار الآحاد، وقد روته العامة كما روته الخاصة، وليس هو مع ذلك مما يقطع على الله بصحته، وإنما نقله رواته لحسن الظن به، وإن ثبت القول فالمعنى فيه أن الله تعالى قدر الأرواح في علمه قبل اختراع الأجساد، واخترع الأجساد واخترع لها الأرواح فالخلق للأرواح قبل الأجساد خلق تقدير في العلم كما قدمناه، وليس بخلق لذواتها كما وصفناه، والخلق لها بالاحداث والاختراع بعد خلق الأشسام، والصور التي تدبرها الأرواح، ولولا أن ذلك كذلك لكانت الأرواح تقوم بأنفسها، ولا تحتاج إلى آلات يعتملها، ولكنا نعرف ما سلف لنا من الأحوال قبل خلق الأجساد، كما نعلم أحوالنا بعد خلق الأجساد، وهذا محال لا خفاء بفساده.
وأما الحديث بأن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، فالمعنى فيه أن الأرواح التي هي الجواهر البسائط تتناصر بالجنس وتتخاذل بالعوارض، فما تعارف منها باتفاق الرأي والهوى ائتلف، وما تناكر منها

(1) بضم السين: سير الليل.
(2) أي حسبي.
(٢٦٦)
مفاتيح البحث: الظنّ (1)، الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تعريف الكتاب تعريف الكتاب 1
2 خطبة الكتاب 1
3 * أبواب العدل * باب 1 نفي الظلم والجور عنه تعالى، وإبطال الجبر والتفويض، وإثبات الأمر بين الأمرين، وإثبات الاختيار والاستطاعة، وفيه 112 حديثا. 2
4 باب 2 آخر وهو من الباب الأول، وفيه حديث. 68
5 باب 3 القضاء والقدر، والمشية والإرادة، وسائر أبواب الفعل، وفيه 79 حديثا. 84
6 باب 4 الآجال، وفيه 14 حديثا. 136
7 باب 5 الأرزاق والأسعار، وفيه 13 حديثا. 143
8 باب 6 السعادة والشقاوة، والخير والشر، وخالقهما ومقدرهما، وفيه 23 حديثا. 152
9 باب 7 الهداية والإضلال والتوفيق والخذلان، وفيه 50 حديثا. 162
10 باب 8 التمحيص والاستدراج، والابتلاء والاختبار، وفيه 18 حديثا. 210
11 باب 9 أن المعرفة منه تعالى، وفيه 13 حديثا. 220
12 باب 10 الطينة والميثاق، وفيه 67 حديثا. 225
13 باب 11 من لا ينجبون من الناس، ومحاسن الخلقة وعيوبها اللتين تؤثران في الخلق، وفيه 15 حديثا. 276
14 باب 12 علة عذاب الاستيصال، وحال ولد الزنا، وعلة اختلاف أحوال الخلق، وفيه 14 حديثا. 281
15 باب 13 الأطفال ومن لم يتم عليهم الحجة في الدنيا، وفيه 22 حديثا. 288
16 باب 14 من رفع عنه القلم، ونفي الحرج في الدين، وشرائط صحة التكليف، وما يعذر فيه الجاهل، وأنه يلزم على الله التعريف وفيه 29 حديثا. 298
17 باب 15 علة خلق العباد وتكليفهم، والعلة التي من أجلها جعل الله في الدنيا اللذات والآلام والمحن، وفيه 18 حديثا. 309
18 باب 16 عموم التكاليف، وفيه ثلاثة أحاديث. 318
19 باب 17 أن الملائكة يكتبون أعمال العباد، وفيه 35 حديثا. 319
20 باب 18 الوعد والوعيد، والحبط والتكفير، وفيه حديثان. 331