على الذر في صلب آدم فعرضهم على نفسه كانت معاينة منهم له؟ (1) قال: نعم يا زرارة وهم ذر بين يديه، (2) وأخذ عليهم بذلك الميثاق بالربوبية له، ولمحمد صلى الله عليه وآله بالنبوة ثم كفل لهم بالأرزاق، وأنساهم رؤيته، وأثبت في قلوبهم معرفته، فلابد من أن يخرج الله إلى الدنيا كل من أخذ عليه الميثاق، فمن جحد ما أخذ عليه الميثاق لمحمد صلى الله عليه وآله لم ينفعه إقراره لربه بالميثاق، ومن لم يجحد ميثاق محمد نفعه الميثاق لربه.
52 - تفسير العياشي: عن عمار بن أبي الأحوص، عن أبي عبد الله عليه السلام: إن الله تبارك و تعالى خلق في مبتدأ الخلق بحرين: أحدهما عذب فرات، والآخر ملح أجاج، ثم خلق تربة آدم من البحر العذب الفرات ثم أجراه على البحر الأجاج فجعله حمأ مسنونا وهو خلق آدم، ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيمن فذرأها في صلب آدم، فقال:
هؤلاء في الجنة ولا أبالي، ثم قبض قبضة من كتف آدم الأيسر فذرأها في صلب آدم، فقال: هؤلاء في النار ولا أبالي ولا أسأل عما أفعل، ولي في هؤلاء البداء بعد، (3) وفي هؤلاء وهؤلاء سيبتلون; قال أبو عبد الله عليه السلام: فاحتج يومئذ أصحاب الشمال وهم ذر على خالقهم فقالوا: يا ربنا بم أوجبت لنا النار - وأنت الحكم العدل - من قبل أن تحتج علينا، وتبلونا بالرسل، وتعلم طاعتنا لك ومعصيتنا؟ فقال الله تبارك وتعالى:
فأنا أخبركم بالحجة عليكم الآن في الطاعة والمعصية، والاعذار بعد الاخبار. قال أبو عبد الله عليه السلام: فأوحى الله إلى مالك خازن النار: أن مر النار تشهق، ثم تخرج عنقا منها (4) فخرجت لهم، ثم قال الله لهم: ادخلوها طائعين، فقالوا: لا ندخلها طائعين!
ثم قال: ادخلوها طائعين، أو لأعذبنكم بها كارهين، قالوا: إنا هربنا إليك منها، وحاججناك فيها حيث أوجبتها علينا، وصيرتنا من أصحاب الشمال، فكيف ندخلها