فإذا (1) أنا ببدر الخادم يصيح بي: يا عيسى بن مهدي الجوهري ادخل، فكبرت وهللت وأكثرت من حمد الله عز وجل والثناء عليه.
فلما صرت في صحن القصر رأيت مائدة منصوبة، فمر بي الخادم [إليها] (2)، فأجلسني عليها وقال لي: مولاك يأمرك أن تأكل ما اشتهيت في علتك وأنت خارج من فيد، فقلت في نفسي: حسبي بهذا برهانا فكيف آكل ولم أر سيدي ومولاي، فصاح: (يا عيسى كل من طعامك فإنك تراني)، [فجلست] (3) على المائدة، فنظرت فإذا فيها سمك حار يفور، وتمر إلى جانبه أشبه التمور بتمورنا، وبجانب التمر لبن.
فقلت في نفسي: [أنا] (4) عليل وسمك وتمر ولبن، فصاح بي: (يا عيسى أتشك في أمرنا، أفأنت أعلم بما ينفعك ويضرك)، فبكيت واستغفرت الله تعالى وأكلت من الجميع، وكلما رفعت يدي منه لم يتبين موضعها فيه، ووجدته (5) أطيب ما ذقته في الدنيا، فأكلت منه كثيرا حتى استحييت.
فصاح بي: (لا تستحي يا عيسى فإنه من طعام الجنة، لم تصنعه يد مخلوق)، فأكلت فرأيت نفسي لا تنتهي عنه من أكله.
فقلت: [يا] (6) مولاي حسبي، فصاح بي: (أقبل إلي)، فقلت في نفسي: آتي مولاي ولم اغسل يدي، فصاح بي: (يا عيسى (مما