يريني مولاي صاحب الزمان - عليه السلام -.
فإنني في بعض السنين قد وقفت بمكة على أن أبتاع حاجة، ومعي غلام في يده مشربة [حليج ملمعة] (1)، فدفعت إلى الغلام الثمن وأخذت المشربة من يده، وتشاغل الغلام بمماكسة البيع (2) وأنا واقف أترقب، إذ جذب ردائي جاذب، فحولت وجهي إليه، فرأيت رجلا أذعرت حين نظرت إليه هيبة له، فقال لي: (تبيع المشربة؟) فلم أستطع رد الجواب وغاب عن عيني، فلم يلحقه بصري، فظننته مولاي.
فإنني يوم من الأيام أصلي بباب الصفا بمكة، فسجدت وجعلت مرفقي في صدري، فحركني محرك برجله، فرفعت رأسي، فقال [لي] (3): (افتح منكبك عن صدرك)، ففتحت عيني فإذا الرجل الذي سألني عن المشربة، ولحقني من هيبته ما حار بصري فغاب عن عيني، وأقمت على رجائي ويقيني، ومضيت مدة وأنا أحج وأديم الدعاء في الموقف.
فإنني في آخر سنة جالس في ظهر الكعبة ومعي يمان بن الفتح بن دينار، ومحمد بن القاسم العلوي، وعلان الكليني، ونحن نتحدث إذا أنا بالرجل في الطواف، فأشرت بالنظر إليه وأقمت أسعى لاتبعه، فطاف حتى إذا بلغ إلى الحجر رأى سائلا واقفا على الحجر، ويستحلف ويسأل الناس بالله عز وجل أن يتصدق عليه، فإذا بالرجل قد طلع، فلما نظر [إلى] (4) السائل انكب إلى الأرض وأخذ منها شيئا ودفعه