قال: فصرت إلى أبي جعفر العمري فوجدته شيخا متواضعا، عليه مبطنة بيضاء قاعد على لبد (1)، في بيت صغير ليس له غلمان ولا له من المروءة والفروس ما وجدت لغيره، قال: فسلمت فرد جوابي وأدناني وبسط مني (2)، ثم سألني عن حالي فعرفته (3) أني وافيت من الجبل وحملت مالا، فقال: إن (4) أحببت أن تصل هذا الشئ إلى حيث (5) يجب أن تخرج إلى سر من رأى وتسأل دار ابن الرضا وعن فلان بن فلان الوكيل - وكانت دار ابن الرضا عامرة بأهلها - فإنك تجد هناك ما تريد.
قال: فخرجت من عنده، ومضيت نحو سر من رأى، وصرت إلى دار ابن الرضا، وسألت عن الوكيل، فذكر البواب أنه مشتغل في الدار وأنه يخرج آنفا، فقعدت على الباب أنتظر خروجه، فخرج بعد ساعة، فقمت وسلمت عليه وأخذ بيدي إلى بيت كان له، وسألني عن حالي وعما وردت له، فعرفته أني حملت شيئا من المال من ناحية الجبل، وأحتاج أن أسلمه بحجة.
قال: فقال: نعم، ثم قدم إلي طعاما وقال لي: تغدى بهذا واسترح، فإنك تعب، وإن بيننا وبين الصلاة الأولى ساعة، فإني أحمل إليك ما تريد، قال: فأكلت ونمت، فلما كان وقت الصلاة نهضت وصليت