بجرجان (١)، فلما بلغه الخبر قال: الحمد لله الذي توفى مني شهيدا آخر.
وروي البيهقي: أن عبد الله بن مطرف مات، فخرج أبوه مطرف على قومه في ثياب حسنة وقد ادهن، فغضبوا وقالوا: يموت عبد الله وتخرج في ثياب حسنة مدهنا؟!
قال: أفأستكين لها، وقد وعدني ربي تبارك وتعالى عليها ثلاث خصال، هي أحب إلي من الدنيا وما فيها، قال الله تعالى: ﴿الذين إذا اصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون﴾ (2).
ودعا رجل من قريش إخوانا له، فجمعهم على طعام، فضربت ابنا له دابة لبعضهم فمات، فأخفى ذلك عن القوم، وقال لأهله: لا أعلمن صاحت منكم صائحة، أو بكت منكم باكية، وأقبل على إخوانه حتى فرغوا من طعامه، ثم أخذ في جهاز الصبي، فلم يفجأهم إلا بسريره، فارتاعوا وسألوه عن أمره فأخبرهم، فعجبوا من صبره وكرمه.
وذكر: أن رجلا من اليمامة دفن ثلاثة رجال من ولده، ثم احتبى في نادي قومه يتحدث كأن لم يفقد أحدا، فقيل له في ذلك، فقال: ليسوا في الموت ببديع، ولا أنا في المصيبة بأوحد، ولا جدوى للجزع، فعلام تلومونني؟
وأسند أبو العباس عن مسروق عن الأوزاعي، قال: حدثنا بعض الحكماء، قال: خرجت وأنا أريد الرباط (3) حتى إذا كنت بعريش (4) مصر إذا أنا بمظلة، وفيها رجل قد ذهبت عيناه، واسترسلتا يداه ورجلاه، وهو يقول: لك الحمد سيدي ومولاي، اللهم إني أحمدك حمدا يوافي محامد خلقك، كفضلك على سائر خلقك، إذ فضلتني على كثير ممن خلقت تفضيلا.
فقلت: والله لأسألنه، أعلمه أو ألهمه إلهاما؟ فدنوت منه، وسلمت عليه، فرد علي السلام، فقلت له: رحمك الله، إني أسألك عن شئ، أتخبرني به أم لا؟ فقال:
إن كان عندي منه علم أخبرتك به، فقلت: رحمك الله، على أي فضيلة من فضائله