قبل أن يبلغ الحلم، فلما كان ذات ليلة، رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت، والحشر قد وقع، والناس قد اشتد بهم العطش من شدة الجهد، وبيد ابن أخي ماء، فالتمست أن يسقيني فأبى، وقال: أبي أحق به منك، فعظم علي ذلك، فانتبهت فزعا، فلما أصبحت تصدقت بجملة دنانير، وسألت الله أن يرزقني ولدا ذكرا، فرزقنيه، واتفق سفرك، فكتبت لك تلك الرقعة، ومضمونها التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله عز وجل في قبوله مني، رجاء أن أجده يوم الفزع الأكبر، فلم يلبث أن حم ومات، وكان ذلك يوم وصولك، فعلمت أنك بلغت الرسالة.
وفي كتاب (النوم والرؤيا لأبي الصقر الموصلي، حدثني علي بن الحسين بن جعفر، حدثني أبي، حدثني بعض أصحابنا ممن أثق بدينه وفهمه، قال: أتيت المدينة ليلا، فنمت في بقيع الغرقد (1) بين أربعة قبور عندها قبر محفور، فرأيت في منامي أربعة أطفال، قد خرجوا من تلك القبور، وهو يقولون:
أنعم الله بالحبيبة عينا * وبمسراك يا أميم إلينا عجبا ما عجبت من ظغطة * القبر ومغداك يا أميم إلينا فقلت: إن لهذه الأبيات لشأنا، وأقمت حتى طلعت الشمس، وإذا جنازة قد أقبلت، فقلت: من هذه؟ فقالوا: امرأة من أهل المدينة، فقلت: اسمها أميمة؟ قالوا:
نعم، قلت: قدمت فرطا؟ قالوا: أربعة أولاد، فأخبرتهم بالخبر، فأخذوا يتعجبون من هذا (2).
وما أحسنا ما أنشد بعض الأفاضل، يقول شعرا:
عطيته إذا أعطى سرورا * وإن سلب الذي أعطى أثابا فأي النعمتين أعد فضلا * وأحمد عند عقباها إيابا أنعمته التي كانت سرورا * أم الأخرى التي جلبت ثوابا؟